1 الدارجة والفصحى الأحد نوفمبر 17, 2013 8:33 pm
mostafa
عضو فعال
بقلم - الحبيب الدائم ربي :
ليس لدي أية حساسية إزاء الدارجة المغربية، بما هي رافد معتبر من روافد اللغة العربية الفصحى، علما بأن الدارجة دوارج فيما الفصحى واحدة أو تكاد. بل إنني أنحاز إليها( إلى الدارجة) انحيازا كلما رأيتُ أبناء وطني(المغرب) يزورّون عنها ازورارا حين يتكلمون إلى غريب، وكأنها بظنهم جذام، والحال أنها جميلة وبليغة لو يعلمون، لكن ليس إلى الحد الذي يمكن استبدالها بلغة التدريس. لا لأنها ليست أهلا لذاك وإنما لحيثيات شرحها يطول. لأننا إذا ما فكرنا في الأمر من هذه الزاوية سنختلف اختلافا لا نفع فيه. فمن يدري فلربما سيتعصب كل واحد منا إلى دارجته الخاصة، فتكون لي دارجتي وللآخرين دوارجهم. حسب الجغرافيات والأهواء، وهات يادوارج وياهوارج. في حين أن الدارجة تبقى نافذة إغاثة متاحة حين تعجز الفصحى وحين تتصابى و تتغنج. لهذا فأنا من مناصري الاستعانة بالدوارج في الكتابة الأدبية وفي التدريس لمَ لا؟ بيد أنني لا أقبل بأن تدخل الدارجة والفصحى في صدام، وأن تفتحا جبهة دونكيشوتية لالزوم لها، لأنهما خلقتا لتتفاهما. وأما أن تتم الاستعانة بالدارجة في الإبداع بالفصحى وفي تعليمها حتى، فمرغوب فيه ومطلوب. ذلك أن زجلا بديعا يتم اجتراحه بالدوارج العربية والأمازيغيات، وحكايات عجيبة وشائقة تتداولها الألسن في المحافل والمنتديات بغير الفصحى. وهو نتاج ينبغي دعمه والحفاظ عليه، لا لأنه إرث ثقافي وحسب، وإنما لأنه إبداعُ أشخاصٍ وجماعات قالت فأبدعت وما همت اللغات واللهجات. والدوارج ليست غريبة عنا كي نتفاداها في مدارسنا أو نخشى سطوتها، فهي تكاد تكون لغاتنا الأم، فبها نتناجى وبها نتألم ونحلم، وهي في كل الأحوال لغة العواطف والوظائف وتصريف اليومي، إذ إنها ترقى وتنحط حسب الحال والأحوال. ثم إنها، وهذا واقع لايحتاج إلى البرهنة عليه، ليست لغة علوم ولن تكون، ولم تكن الدوارج يوما لغات علوم ! لأسباب شرحها يطول (أيضا) منها أنه لم يثبت أن دولة درّست أبناءها بالدارجة وإلا ما كانت ستكون للمدارس ضرورة. يذكر الأستاذ عبد الله العروي في كتابه "ديوان السياسة" أن سلطة الحماية(الفرنسية) حاولت "ترسيم الدارجة" بالمملكة الشريفة، بيد أن خبراءها في اللغة والثقافة نبهوها إلى أن الفكرة محكوم عليها مسبقا بالفشل الذريع. وقد كان من الأهون عليها تفصيح لغة التخاطب اليومي لدى الناس بدل تدريج لغة المؤسسات.لكن المعوّل عليه، بظننا، هو أن مفردات دارجة كثيرة هي ذوات أصول عربية فصيحة، ولاغرابة في ذلك مادامت الدوارج فيما نظن هي انزياحات عن الفصحى، أو على الأقل فإن الفصحى هي المستوى "الراقي" من الدوارج. والغريب أن كثيرا من المتحدثين بالفصحى، في المدارس والمحافل "العالمة" يستنكفون من بعض الكلمات ظنا منهم أنها غير فصيحة، فيتمحلون ألفاظا وعبارات دخيلة أو متفاصحة ومتحذلقة ، والحال أن جزءا مهما من الكلمات الدارجة هي فصيحة أو من الفصيح المهمل، وهو ساري المفعول في الدوارج ما يزال، لذلك من الأفضل استثماره، وإحياؤه من جديد سواء في المدرسة ( وخاصة في التأليف المدرسي) أو في التخاطب العالِم لأنه قد يشكل القاسم المشترك الذي يطبّع علاقتنا باللغة العربية الفصحى دون أن يخل بفصاحتها، وهو بالتالي يساعد على التواصل أكثر بين الداعين إلى الفصحى والداعين إلى الدارجة ليتم الصلح بينهما بلا غالب ولا مغلوب.
- See more at: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
ليس لدي أية حساسية إزاء الدارجة المغربية، بما هي رافد معتبر من روافد اللغة العربية الفصحى، علما بأن الدارجة دوارج فيما الفصحى واحدة أو تكاد. بل إنني أنحاز إليها( إلى الدارجة) انحيازا كلما رأيتُ أبناء وطني(المغرب) يزورّون عنها ازورارا حين يتكلمون إلى غريب، وكأنها بظنهم جذام، والحال أنها جميلة وبليغة لو يعلمون، لكن ليس إلى الحد الذي يمكن استبدالها بلغة التدريس. لا لأنها ليست أهلا لذاك وإنما لحيثيات شرحها يطول. لأننا إذا ما فكرنا في الأمر من هذه الزاوية سنختلف اختلافا لا نفع فيه. فمن يدري فلربما سيتعصب كل واحد منا إلى دارجته الخاصة، فتكون لي دارجتي وللآخرين دوارجهم. حسب الجغرافيات والأهواء، وهات يادوارج وياهوارج. في حين أن الدارجة تبقى نافذة إغاثة متاحة حين تعجز الفصحى وحين تتصابى و تتغنج. لهذا فأنا من مناصري الاستعانة بالدوارج في الكتابة الأدبية وفي التدريس لمَ لا؟ بيد أنني لا أقبل بأن تدخل الدارجة والفصحى في صدام، وأن تفتحا جبهة دونكيشوتية لالزوم لها، لأنهما خلقتا لتتفاهما. وأما أن تتم الاستعانة بالدارجة في الإبداع بالفصحى وفي تعليمها حتى، فمرغوب فيه ومطلوب. ذلك أن زجلا بديعا يتم اجتراحه بالدوارج العربية والأمازيغيات، وحكايات عجيبة وشائقة تتداولها الألسن في المحافل والمنتديات بغير الفصحى. وهو نتاج ينبغي دعمه والحفاظ عليه، لا لأنه إرث ثقافي وحسب، وإنما لأنه إبداعُ أشخاصٍ وجماعات قالت فأبدعت وما همت اللغات واللهجات. والدوارج ليست غريبة عنا كي نتفاداها في مدارسنا أو نخشى سطوتها، فهي تكاد تكون لغاتنا الأم، فبها نتناجى وبها نتألم ونحلم، وهي في كل الأحوال لغة العواطف والوظائف وتصريف اليومي، إذ إنها ترقى وتنحط حسب الحال والأحوال. ثم إنها، وهذا واقع لايحتاج إلى البرهنة عليه، ليست لغة علوم ولن تكون، ولم تكن الدوارج يوما لغات علوم ! لأسباب شرحها يطول (أيضا) منها أنه لم يثبت أن دولة درّست أبناءها بالدارجة وإلا ما كانت ستكون للمدارس ضرورة. يذكر الأستاذ عبد الله العروي في كتابه "ديوان السياسة" أن سلطة الحماية(الفرنسية) حاولت "ترسيم الدارجة" بالمملكة الشريفة، بيد أن خبراءها في اللغة والثقافة نبهوها إلى أن الفكرة محكوم عليها مسبقا بالفشل الذريع. وقد كان من الأهون عليها تفصيح لغة التخاطب اليومي لدى الناس بدل تدريج لغة المؤسسات.لكن المعوّل عليه، بظننا، هو أن مفردات دارجة كثيرة هي ذوات أصول عربية فصيحة، ولاغرابة في ذلك مادامت الدوارج فيما نظن هي انزياحات عن الفصحى، أو على الأقل فإن الفصحى هي المستوى "الراقي" من الدوارج. والغريب أن كثيرا من المتحدثين بالفصحى، في المدارس والمحافل "العالمة" يستنكفون من بعض الكلمات ظنا منهم أنها غير فصيحة، فيتمحلون ألفاظا وعبارات دخيلة أو متفاصحة ومتحذلقة ، والحال أن جزءا مهما من الكلمات الدارجة هي فصيحة أو من الفصيح المهمل، وهو ساري المفعول في الدوارج ما يزال، لذلك من الأفضل استثماره، وإحياؤه من جديد سواء في المدرسة ( وخاصة في التأليف المدرسي) أو في التخاطب العالِم لأنه قد يشكل القاسم المشترك الذي يطبّع علاقتنا باللغة العربية الفصحى دون أن يخل بفصاحتها، وهو بالتالي يساعد على التواصل أكثر بين الداعين إلى الفصحى والداعين إلى الدارجة ليتم الصلح بينهما بلا غالب ولا مغلوب.
- See more at: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]