1 من يحكم إيران ؟! الثلاثاء فبراير 02, 2010 7:41 am
admin
Admin
ينبهر كثير من المسلمين برؤية الانتخابات الإيرانية لرئيس الجمهورية، ويعتبرونها صورة حضارية لاختيار زعيم يرضى عنه الشعب ويحقق آماله، خاصة في ظل الأوضاع المتردية في معظم بلاد العالم العربي؛ حيث يسيطر على الحكم فيه مجموعة من الرؤساء والملوك والسلاطين أتوا جميعًا بغير إرادة من الشعب، وحتى لو شهدت البلاد العربية انتخابات فإنها تكون انتخابات مزوَّرة، وهذا يجعل المسلمين يلهثون وراء أيّ تجربة بصرف النظر عن كونها غربية أو شيعية أو غير ذلك.
ولكن هل تعتبر الانتخابات الإيرانية فعلاً نموذجًا يُحتذى؟ وهل الرئيس الذي يختاره الشعب يملك من الصلاحيات ما يحقق به آمال الذين انتخبوه؟ وهل هناك فرصة لإصلاح الفساد إن حدث؟ وهل النظام الإيراني يمتلئ بالحيوية كما يحلو لكثيرٍ من المنبهرين بالشيعة أن يقولوا؟!
إننا لا بد أن نعود للأصول حتى نفهم من يحكم إيران في الحقيقة.. وأنا أنصح القراء بقراءة مقالاتي السابقة في هذا الموضوع؛ لأنها ستعطي رؤية أوضح لما سأذكره في هذا المقال، وهذه المقالات كانت بعنوان "أصول الشيعة"، و"سيطرة الشيعة"، و"خطر الشيعة"، و"موقفنا من الشيعة".
دكتاتورية الخوميني
شاه إيران محمد رضا بهلوي
لقد قام الخوميني بثورته الشيعية في سنة 1979م، وأطاح بحكم الدكتاتور الإيراني السابق الشاه بهلوي، الذي كان يملك صلاحيات كبيرة جدًّا في إيران، إضافةً إلى صلاحيات النظام الحاكم المنتمي له، فماذا فعل الخوميني؟! لقد كوَّن دكتاتورية أكبر بكثير من دكتاتورية الشاه، وجمع من الصلاحيات ما يفوق صلاحيات الشاه بكثير، ولو كانت هناك فرصة للاعتراض في زمن الشاه، فإن هذه الفرصة أصبحت معدومة في زمن الخوميني ومن بعده. أما الذي نراه اليوم من صراعات واعتراضات ومعسكرات فما هو إلا في إطار محدود ومعروف يهدف في النهاية إلى تجميل النظام، وإشعار الجميع أن الحرية موجودة، وأن البلد بخير، وأن اختيار الشعب محترم!
كيف حدث هذا؟! وما أصل القصة؟!
لقد جاء الخوميني إلى حكم إيران وفقًا لنظرية استدعاها من التاريخ الشيعي اسمها نظرية "ولاية الفقيه"، والأصل في الفكر الشيعي أن الولاية لا بد أن تكون للإمام المعصوم، وهم يعتقدون في عصمة الإمام علي بن أبي طالب t، ثم عصمة أولاده الحسن ثم الحسين، ثم عصمة أبناء الحسين المتسلسلين، الذين كوَّنوا عندهم ما يُسمى بالأئمة الاثني عشر، ولكن حدث أن الإمام العسكري - وهو الإمام الحادي عشر عند الشيعة - مات سنة 260هـ دون أن يسمِّي إمامًا معصومًا خلفه، فانقسم الشيعة إلى طوائف كثيرة لحل هذه المعضلة، وكانت من هذه الطوائف طائفة الاثني عشرية التي ادعت أن الإمام العسكري أوصى إلى ابنه الصغير محمد الذي لم يبلغ الخامسة من عمره، غير أن هذا الإمام الثاني عشر دخل في أحد السراديب واختفى، ويعتقد الشيعة الاثنا عشرية (في إيران ولبنان) أنه ما زال موجودًا في داخل السرداب، وأنه سيظهر في يوم من الأيام ليحكم الدنيا، وهو عندهم المهدي المنتظر، وفي العقيدة الشيعية أنه لا يجوز تولي الحكم وقيادة الدولة وإقامة أحكام الدين والجهاد والجماعة والحدود وكل شيء إلا في وجود الإمام المعصوم، ومِن ثَمَّ فكل شيء معطَّل إلى أن يظهر هذا الإمام الوهمي.
ولاية الفقيه
الخوميني
ولكن الخوميني أحيا نظرية اجتهادية موجودة في التاريخ الشيعي هي نظرية "ولاية الفقيه"، وهي تعني أن الإمام المهدي الغائب "الطفل الذي دخل السرداب" قد عَهِد إلى الفقيه الذي يمتلك القدرة الفقهية العالية بأن يقوم بما كان سيقوم به الإمام المعصوم في حالة وجوده، ومِن ثَم فإن هذا الفقيه يرأس الأمة، ويأخذ صلاحيات الإمام المعصوم، بما فيها العصمة، وبما فيها من الإلهام من الله، وبما فيها من الارتفاع فوق مقام النبوة؛ لأن النبوة عندهم انتهت في فترة معينة، بينما يستمر الإمام المعصوم إلى الآن، وقد نقلنا قبل ذلك قول الخوميني في كتابه (الحكومة الإسلامية): "... وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملكٌ مقرَّب، ولا نبي مرسل"[1].
وعلى هذا فإذا أخذ الإيرانيون بهذه النظرية فإنه لا يجوز أصلاً الاعتراض على حكم الفقيه الذي يتولى قيادة البلاد، والذي يُعرف عندهم الآن بالفقيه الأكبر، أو بمرشد الثورة، أو بالقائد، وكلها مترادفات للشخصية الأولى والأخيرة في النظام الإيراني الجديد، وهذا خطر جدًّا، بل هو أخطر من الأوضاع في الأنظمة العربية الفاسدة؛ لأن الحكام العرب الدكتاتوريين لا يقولون أنهم يحكمون باسم الله U، ولا يدَّعون الإلهام من الله، ولا يدعون العصمة، ولا تعتبر شعوبهم أن طاعتهم أمرٌ تمليه عليهم الشريعة، بل الكثير من الشعوب ترى أن مقاومة دكتاتوريتهم فضيلة؛ لأنها مقاومة للظلم والتسلُّط، بينما يُعتبر ذلك في إيران جريمة في حق الله قبل أن تكون جريمة في حق النظام أو القائد.
لقد صمم الخوميني الدستور الإيراني الجديد بالشكل الذي يحفظ هذه الدكتاتورية العنيفة له، ولمن جاء من بعده على المنهج الاثني عشري المنحرف، فجعل من بنود الدستور أن مرشد الثورة يظل في هذا المنصب مدى الحياة! ثم كوَّن ما يُسمى بمجلس الخبراء، وهذا المجلس يختاره الشعب بالانتخاب، ولكن لا بد أن يكون هذا المرشح لمجلس الخبراء من الفقهاء، ولا بد أن يكون من الاثني عشريين، ولا بد أن يكون مؤمنًا بنظرية ولاية الفقيه. وهذا المجلس هو الذي يختار بعد ذلك الولي الفقيه الذي يخلف الخوميني بعد موته، ليظل وليًّا فقيهًا حاكمًا طيلة حياته بعد ذلك، وقد اختار هذا المجلس "آية الله علي خامنئي" ليكون مرشدًا للثورة، وهو في هذا المنصب من سنة 1989م إلى الآن!
عزل الرئيس المنتخب!
خامنئي قائدًا للقوات المسلحة الإيرانية
ولم يكتف الخوميني بذلك، بل جمع إلى سلطاته صلاحيات أخرى كثيرة كما جاء في المادة 110 من الدستور؛ فمرشد الثورة هو الذي يضع كافة المسائل الرئيسية الخاصة برسم وتعيين السياسات العامة للنظام، وهو الذي يقود القوات المسلحة، وهو الذي يملك أن ينصِّب ويعزل رؤساء المؤسسات والمجالس الرئيسية في الدولة، وهو الذي يعيِّن رئيس السلطة القضائية، ورئيس الإذاعة والتليفزيون، ورئيس أركان القيادة المشتركة للجيش، والقائد العام لقوات حرس الثورة، كما يملك - فوق كل ذلك - عزل رئيس الجمهورية المنتخَب من قِبل الشعب!!!
إنها سيطرة لا يحلم بها أي دكتاتور عربي، وليس هذا فقط، بل إن كل ما سبق وغيره يتم بتفويض من الإمام الغائب المهدي، وإذا حدث وعصى أحد أفراد الشعب أوامر هذا المرشد فإن هذه خطيئة تصل إلى الشرك بالله؛ حيث إنه يعترض على معصوم، ويستندون في ذلك إلى مقولة منسوبة زورًا إلى الإمام جعفر الصادق يقول فيها: "...فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه، فإنما استخفَّ بحكم الله، وعلينا رَدَّ، والرادُّ علينا رادٌّ على الله، وهو على حدِّ الشرك بالله"[2].
ولكن الخوميني أراد أن يجمِّل الصورة، فلا يجعل الأمر في صورة دكتاتورية قاهرة، فجعل هناك منصبًا يُسمى "رئيس الجمهورية"، مع أن الرئيس الفعلي للبلاد هو القائد أو مرشد الثورة، وجعل رئيس الجمهورية هذا بالانتخاب العلني من أفراد الشعب، حتى يفرِّغ كل الشحنات في داخل الشعب فيشعر أنه هو الذي اختار، وهو الذي وجَّه مسيرة الأمة، ولكن وقفة تأمل مع رئيس الجمهورية الإيرانية.
نجاد يقبل يد مرشد الثورة خامنئي
كيف يُختار هذا الرئيس؟!
لقد ابتكر الخوميني مجلسًا سماه "مجلس صيانة الدستور"، هو المكلَّف باختيار من يمكن أن يُرشَّح للرئاسة، وهذا المجلس مكوَّن من اثني عشر عضوًا، يعيِّن مرشد الثورة ستة منهم بشكل مباشر! أما الستة الآخرون فيرشحهم رئيس السلطة القضائية بعد ترشيح مجلس النواب، مع العلم أن رئيس السلطة القضائية نفسه يُعيَّن من قِبل مرشد الثورة، وهذا يعني أن أعضاء مجلس صيانة الدستور بكاملهم من الذين يختارهم مرشد الثورة أو يرضى عنهم، وهذا المجلس يقوم بقبول ترشيحات المتقدمين لشغل منصب رئيس الجمهورية، ومن ثَمَّ فهو لا يقبل من المتقدمين إلا من هو على علاقة قوية جدًّا وحميمة بمرشد الثورة!! فليس هناك أي فرصة لوجود معارض لمرشد الثورة، وما يسمَّى بالمحافظين أو الإصلاحيين ما هي إلا صورة وهمية لبعض الاختلافات الطفيفة في الإطار الذي يسمح به مرشد الثورة، ويكفي أن نعلم أنه في الانتخابات الأخيرة تقدم لمنصب الرئاسة 471 مرشحًا، لم يقبل مجلس
مرشحا رئاسة إيران موسوي ونجاد
صيانة الدستور منهم إلا أربعة فقط؛ اثنين من المحافظين واثنين من الإصلاحيين، والجميع من أبناء النظام، وأتباع مرشد الثورة.. فأحمدي نجاد مقرَّب جدًّا من مرشد الثورة علي خامنئي، وهو من أشد المتمسكين بمبدأ ولاية الفقيه، وهو يعتبر من المحافظين. أما المنافس الأكبر له فكان مير حسين موسوي، وهو من الإصلاحيين، لكنه في نفس الوقت من أبناء الثورة، ورحل معها من باريس إلى طهران، وكان يشغل منصب رئيس الوزراء في عهد الخوميني من سنة 1981 إلى سنة 1989م، وهو آخر رئيس وزراء لإيران قبل إلغاء هذا المنصب أصلاً! والمرشح الثالث هو مهدي كروبي من الإصلاحيين، وكان يرأس البرلمان الإيراني من سنة 1989 إلى سنة 1992م. والرابع هو محسن رضائي من المحافظين، وكان يشغل مركز قائد الحرس الثوري في أثناء الحرب الإيرانية العراقية!!
إنهم جميعًا من أبناء النظام، ومن المؤيدين بقوة لكل كلمة يقولها المرشد القائد.
بني صدر وقد يحدث أحيانًا وينسى رئيس الجمهورية المنتخَب من الشعب نفسه، ويأخذ قرارًا يخالف رأي مرشد الثورة، فماذا يحدث عندئذ؟! لا داعي للتكهنات، فقد رأينا واقعًا يوضح لنا الصورة؛ فعلى سبيل المثال تم انتخاب
بني صدر ليكون أول رئيس لجمهورية إيران أيام الخوميني سنة 1980م، وظن "بني صدر" أنه أصبح رئيسًا ككل رؤساء العالم يمسك بمقاليد الأمور في دولته، خاصة أنه قد أتى إلى كرسيِّ الحكم بنسبة 75% من أصوات الشعب، وهي نسبة كبيرة كما نعلم، إلا أنه وجد نفسه لا حول له ولا قوة، ولا يملك أن يكلف رئيس وزراء لحكومته، بل لا يستطيع المشاركة في اختيار الوزراء، وكل صغيرة وكبيرة لا بد من الرجوع فيها إلى الخوميني القائد، فلم يطمئن لهذا الوضع واعترض! فماذا كانت النتيجة؟!
لقد عزله الخوميني من منصبه وعيَّن رئيسًا آخر!!
عزله بعد أن حصل على 75% من أصوات الشعب، فأي قيمة إذن للانتخابات؟ ولماذا تنفق الأموال في الدعايات؟ ولماذا تعقد المناظرات في وسائل الإعلام؟
وعندما أجاز الرئيس علي خامنئي - الذي كان رئيسًا لإيران من سنة 1981 إلى سنة 1989م - قانونَ العمل بعد أن عارضه مجلس صيانة الدستور بتوجيه من الخوميني، وجَّه الخوميني رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس علي خامنئي، وذكَّره في هذه الرسالة أن ولاية الفقيه كولاية الرسول r؛ لأنه معيَّن من قِبل الإمام الغائب، ورضخ الرئيس علي خامنئي للأمر، مع أن علي خامنئي سيصبح بعد وفاة الخوميني هو المرشد للثورة، وتنتقل العصمة إليه بذلك، وعندها لن يُقبل أي تعقيب لحكمه!
الإصلاحيون الوجه الآخر للمحافظين
ثم إننا رأينا الإصلاحيين في منصب رئيس الجمهورية، فقد حكم محمد خاتمي من سنة 1997م إلى سنة 2005م، فهل رأينا جديدًا؟!
وهل إيران تحت حكم الإصلاحيين تختلف عنها تحت حكم المحافظين؟ أم أن الأمر في النهاية في يد شخص واحد هو القائد المرشد؟!
ثم إننا نقول أيضًا أن الإصلاحيين والمحافظين لا يمثلون أحزابًا منفصلة في إيران، وليست هناك مؤسسات تضمن توجُّه رئيس معين؛ فأحمدي نجاد لا يمثل إلا نفسه في الانتخابات، وكذلك مير حسين موسوي الإصلاحي، وليس الأمر كما هو في أمريكا مثلاً، عندما يمثل أوباما برنامج الديمقراطيين، في حين يمثل ماكين برنامج الجمهوريين.. إن الأمر أبسط من ذلك بكثير في إيران؛ لأنه مجرد تمثيلية لا وزن لها.
وحتى عندما قامت الصراعات بين المرشحين في شوارع إيران، وتبادلوا الاتهامات في وسائل الإعلام، فإن القيادة الدينية سكتت عن ذلك، وكان هذا السكوت متعمدًا، وقد علَّق على ذلك الخاسر مير حسين موسوي بقوله: "كل السبل للحصول على الحقوق مغلقة، وإن الشعب الإيراني يواجه صمت رجال الدين المهمين"[3].
وأضاف أيضًا أن هذا الصمت أخطر من التزوير.
لقد صمت رجال الدين ليظهر الصراع وكأن صراع على منصب مهم جدًّا، وليبرزوا الديمقراطية في البلاد، ووجود تيارين، وترجيح كفة على كفة بواسطة الشعب، بينما الأمر كله في النهاية لا يعدو أن يكون مسرحية سيقوم الشعب فيها باختيار الممثِّل الذي يؤدي ما يكتبه مؤلف السيناريو قائد الثورة!
والمصيبة بعد كل ذلك أن هذا القائد المرشد لا يحكم بالقرآن والسُّنَّة، إنما يرسِّخ انحرافًا عقائديًّا خطيرًا، ويحكم بتفويض من الإمام الغائب الذي دخل السرداب، ويحرِّك الدولة بكاملها وفق الهوى الشخصي الذي لا يجوز الاعتراض عليه!
أسباب الانبهار
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا ننبهر بهذه الأوضاع المأساوية؟! ولماذا نرى بعض الكُتَّاب - وأحيانًا من الإسلاميين - يعتبرون إيران نموذجًا يجب أن يُحتذى؟!
إننا ننبهر لعدة أسباب..
منها أننا لا نعرف كل هذه الحقائق في الدستور الإيراني، وفي نظام الحكم هناك، وفي علاقة المرشد برئيس الجمهورية، ومن ثَمَّ فنحن نحكم بعاطفتنا لا بعقلنا، ونميل مع أي إنسان رفع راية الإسلام، ولو كان محرِّفًا مبدلاً.
ومنها أننا لا نعرف الإسلام الحقيقي الذي يسمح للمسلمين أن يعترضوا على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بل إنه كان يسمح بمناقشة رسول الله r في الأمور التي ليس فيها وحي.
ومنها أننا نعاني في البلاد العربية من حكم دكتاتوري قهري، ومن تزوير فاضح في الانتخابات، ومن فساد كبير في كل القطاعات، ومن ثَم فنحن نبحث عن نموذج ناجح ولو بصورة ضئيلة، ونتغاضى عن كثير من السلبيات، ونغضُّ الطرف عنها، لنقول في النهاية: الحمد لله، هناك دولة إسلامية تطبِّق الشورى!!
ومنها أننا لا نتابع المخاطر التي تتعرض لها العراق والبحرين والسعودية وسوريا ومصر ولبنان، بل والسُّنَّة في إيران نفسها من جرّاء تولي السلطة لمرشد يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه، ويعتقد أن السنة في العالَم مفرطون في الدين، وإن الإمام الغائب قد فوَّضه لتصحيح أوضاع الدنيا لكي تستقبل الإمام المهدي عند عودته!
ومنها أننا نعاني من ظلم أمريكا واليهود، ونفرح إذا تكلم في حقهما أحد، ولا نهتم بمتابعة الأحداث، ولا بقراءة التاريخ، لنعرف أن احتماليات هجوم إيران على إسرائيل لتحرير فلسطين تساوي صفرًا!
إننا - أيها المسلمون - نحتاج أن نبني أمتنا على قواعد سليمة، وأسس صحيحة، ولا يكون هذا في منهج شرقي أو غربي، ولا في مبادئ شيعية أو خوارج، إنما في قرآن وسُنَّة، وعودة إلى الأصول، ودراسة لمنهج الرسول r في التغيير، وكذلك مناهج الصالحين في تاريخ أمتنا، وما أكثرهم!
أما الانبهار بالمنحرفين فهذا ليس من شيم الصالحين، وأسأل الله U أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
د. راغب السرجاني
[1] الخوميني: الحكومة الإسلامية ص52.
[2] الكليني: الأصول من الكافي 1/67.
[3] انظر موقع مفكرة الإسلام، الرابط:
http://www.islammemo.cc/akhbar/Asia-we-Australia/2009/06/13/83473.html
ولكن هل تعتبر الانتخابات الإيرانية فعلاً نموذجًا يُحتذى؟ وهل الرئيس الذي يختاره الشعب يملك من الصلاحيات ما يحقق به آمال الذين انتخبوه؟ وهل هناك فرصة لإصلاح الفساد إن حدث؟ وهل النظام الإيراني يمتلئ بالحيوية كما يحلو لكثيرٍ من المنبهرين بالشيعة أن يقولوا؟!
إننا لا بد أن نعود للأصول حتى نفهم من يحكم إيران في الحقيقة.. وأنا أنصح القراء بقراءة مقالاتي السابقة في هذا الموضوع؛ لأنها ستعطي رؤية أوضح لما سأذكره في هذا المقال، وهذه المقالات كانت بعنوان "أصول الشيعة"، و"سيطرة الشيعة"، و"خطر الشيعة"، و"موقفنا من الشيعة".
دكتاتورية الخوميني
شاه إيران محمد رضا بهلوي
لقد قام الخوميني بثورته الشيعية في سنة 1979م، وأطاح بحكم الدكتاتور الإيراني السابق الشاه بهلوي، الذي كان يملك صلاحيات كبيرة جدًّا في إيران، إضافةً إلى صلاحيات النظام الحاكم المنتمي له، فماذا فعل الخوميني؟! لقد كوَّن دكتاتورية أكبر بكثير من دكتاتورية الشاه، وجمع من الصلاحيات ما يفوق صلاحيات الشاه بكثير، ولو كانت هناك فرصة للاعتراض في زمن الشاه، فإن هذه الفرصة أصبحت معدومة في زمن الخوميني ومن بعده. أما الذي نراه اليوم من صراعات واعتراضات ومعسكرات فما هو إلا في إطار محدود ومعروف يهدف في النهاية إلى تجميل النظام، وإشعار الجميع أن الحرية موجودة، وأن البلد بخير، وأن اختيار الشعب محترم!
كيف حدث هذا؟! وما أصل القصة؟!
لقد جاء الخوميني إلى حكم إيران وفقًا لنظرية استدعاها من التاريخ الشيعي اسمها نظرية "ولاية الفقيه"، والأصل في الفكر الشيعي أن الولاية لا بد أن تكون للإمام المعصوم، وهم يعتقدون في عصمة الإمام علي بن أبي طالب t، ثم عصمة أولاده الحسن ثم الحسين، ثم عصمة أبناء الحسين المتسلسلين، الذين كوَّنوا عندهم ما يُسمى بالأئمة الاثني عشر، ولكن حدث أن الإمام العسكري - وهو الإمام الحادي عشر عند الشيعة - مات سنة 260هـ دون أن يسمِّي إمامًا معصومًا خلفه، فانقسم الشيعة إلى طوائف كثيرة لحل هذه المعضلة، وكانت من هذه الطوائف طائفة الاثني عشرية التي ادعت أن الإمام العسكري أوصى إلى ابنه الصغير محمد الذي لم يبلغ الخامسة من عمره، غير أن هذا الإمام الثاني عشر دخل في أحد السراديب واختفى، ويعتقد الشيعة الاثنا عشرية (في إيران ولبنان) أنه ما زال موجودًا في داخل السرداب، وأنه سيظهر في يوم من الأيام ليحكم الدنيا، وهو عندهم المهدي المنتظر، وفي العقيدة الشيعية أنه لا يجوز تولي الحكم وقيادة الدولة وإقامة أحكام الدين والجهاد والجماعة والحدود وكل شيء إلا في وجود الإمام المعصوم، ومِن ثَمَّ فكل شيء معطَّل إلى أن يظهر هذا الإمام الوهمي.
ولاية الفقيه
الخوميني
ولكن الخوميني أحيا نظرية اجتهادية موجودة في التاريخ الشيعي هي نظرية "ولاية الفقيه"، وهي تعني أن الإمام المهدي الغائب "الطفل الذي دخل السرداب" قد عَهِد إلى الفقيه الذي يمتلك القدرة الفقهية العالية بأن يقوم بما كان سيقوم به الإمام المعصوم في حالة وجوده، ومِن ثَم فإن هذا الفقيه يرأس الأمة، ويأخذ صلاحيات الإمام المعصوم، بما فيها العصمة، وبما فيها من الإلهام من الله، وبما فيها من الارتفاع فوق مقام النبوة؛ لأن النبوة عندهم انتهت في فترة معينة، بينما يستمر الإمام المعصوم إلى الآن، وقد نقلنا قبل ذلك قول الخوميني في كتابه (الحكومة الإسلامية): "... وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملكٌ مقرَّب، ولا نبي مرسل"[1].
وعلى هذا فإذا أخذ الإيرانيون بهذه النظرية فإنه لا يجوز أصلاً الاعتراض على حكم الفقيه الذي يتولى قيادة البلاد، والذي يُعرف عندهم الآن بالفقيه الأكبر، أو بمرشد الثورة، أو بالقائد، وكلها مترادفات للشخصية الأولى والأخيرة في النظام الإيراني الجديد، وهذا خطر جدًّا، بل هو أخطر من الأوضاع في الأنظمة العربية الفاسدة؛ لأن الحكام العرب الدكتاتوريين لا يقولون أنهم يحكمون باسم الله U، ولا يدَّعون الإلهام من الله، ولا يدعون العصمة، ولا تعتبر شعوبهم أن طاعتهم أمرٌ تمليه عليهم الشريعة، بل الكثير من الشعوب ترى أن مقاومة دكتاتوريتهم فضيلة؛ لأنها مقاومة للظلم والتسلُّط، بينما يُعتبر ذلك في إيران جريمة في حق الله قبل أن تكون جريمة في حق النظام أو القائد.
لقد صمم الخوميني الدستور الإيراني الجديد بالشكل الذي يحفظ هذه الدكتاتورية العنيفة له، ولمن جاء من بعده على المنهج الاثني عشري المنحرف، فجعل من بنود الدستور أن مرشد الثورة يظل في هذا المنصب مدى الحياة! ثم كوَّن ما يُسمى بمجلس الخبراء، وهذا المجلس يختاره الشعب بالانتخاب، ولكن لا بد أن يكون هذا المرشح لمجلس الخبراء من الفقهاء، ولا بد أن يكون من الاثني عشريين، ولا بد أن يكون مؤمنًا بنظرية ولاية الفقيه. وهذا المجلس هو الذي يختار بعد ذلك الولي الفقيه الذي يخلف الخوميني بعد موته، ليظل وليًّا فقيهًا حاكمًا طيلة حياته بعد ذلك، وقد اختار هذا المجلس "آية الله علي خامنئي" ليكون مرشدًا للثورة، وهو في هذا المنصب من سنة 1989م إلى الآن!
عزل الرئيس المنتخب!
خامنئي قائدًا للقوات المسلحة الإيرانية
ولم يكتف الخوميني بذلك، بل جمع إلى سلطاته صلاحيات أخرى كثيرة كما جاء في المادة 110 من الدستور؛ فمرشد الثورة هو الذي يضع كافة المسائل الرئيسية الخاصة برسم وتعيين السياسات العامة للنظام، وهو الذي يقود القوات المسلحة، وهو الذي يملك أن ينصِّب ويعزل رؤساء المؤسسات والمجالس الرئيسية في الدولة، وهو الذي يعيِّن رئيس السلطة القضائية، ورئيس الإذاعة والتليفزيون، ورئيس أركان القيادة المشتركة للجيش، والقائد العام لقوات حرس الثورة، كما يملك - فوق كل ذلك - عزل رئيس الجمهورية المنتخَب من قِبل الشعب!!!
إنها سيطرة لا يحلم بها أي دكتاتور عربي، وليس هذا فقط، بل إن كل ما سبق وغيره يتم بتفويض من الإمام الغائب المهدي، وإذا حدث وعصى أحد أفراد الشعب أوامر هذا المرشد فإن هذه خطيئة تصل إلى الشرك بالله؛ حيث إنه يعترض على معصوم، ويستندون في ذلك إلى مقولة منسوبة زورًا إلى الإمام جعفر الصادق يقول فيها: "...فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه، فإنما استخفَّ بحكم الله، وعلينا رَدَّ، والرادُّ علينا رادٌّ على الله، وهو على حدِّ الشرك بالله"[2].
ولكن الخوميني أراد أن يجمِّل الصورة، فلا يجعل الأمر في صورة دكتاتورية قاهرة، فجعل هناك منصبًا يُسمى "رئيس الجمهورية"، مع أن الرئيس الفعلي للبلاد هو القائد أو مرشد الثورة، وجعل رئيس الجمهورية هذا بالانتخاب العلني من أفراد الشعب، حتى يفرِّغ كل الشحنات في داخل الشعب فيشعر أنه هو الذي اختار، وهو الذي وجَّه مسيرة الأمة، ولكن وقفة تأمل مع رئيس الجمهورية الإيرانية.
نجاد يقبل يد مرشد الثورة خامنئي
كيف يُختار هذا الرئيس؟!
لقد ابتكر الخوميني مجلسًا سماه "مجلس صيانة الدستور"، هو المكلَّف باختيار من يمكن أن يُرشَّح للرئاسة، وهذا المجلس مكوَّن من اثني عشر عضوًا، يعيِّن مرشد الثورة ستة منهم بشكل مباشر! أما الستة الآخرون فيرشحهم رئيس السلطة القضائية بعد ترشيح مجلس النواب، مع العلم أن رئيس السلطة القضائية نفسه يُعيَّن من قِبل مرشد الثورة، وهذا يعني أن أعضاء مجلس صيانة الدستور بكاملهم من الذين يختارهم مرشد الثورة أو يرضى عنهم، وهذا المجلس يقوم بقبول ترشيحات المتقدمين لشغل منصب رئيس الجمهورية، ومن ثَمَّ فهو لا يقبل من المتقدمين إلا من هو على علاقة قوية جدًّا وحميمة بمرشد الثورة!! فليس هناك أي فرصة لوجود معارض لمرشد الثورة، وما يسمَّى بالمحافظين أو الإصلاحيين ما هي إلا صورة وهمية لبعض الاختلافات الطفيفة في الإطار الذي يسمح به مرشد الثورة، ويكفي أن نعلم أنه في الانتخابات الأخيرة تقدم لمنصب الرئاسة 471 مرشحًا، لم يقبل مجلس
مرشحا رئاسة إيران موسوي ونجاد
صيانة الدستور منهم إلا أربعة فقط؛ اثنين من المحافظين واثنين من الإصلاحيين، والجميع من أبناء النظام، وأتباع مرشد الثورة.. فأحمدي نجاد مقرَّب جدًّا من مرشد الثورة علي خامنئي، وهو من أشد المتمسكين بمبدأ ولاية الفقيه، وهو يعتبر من المحافظين. أما المنافس الأكبر له فكان مير حسين موسوي، وهو من الإصلاحيين، لكنه في نفس الوقت من أبناء الثورة، ورحل معها من باريس إلى طهران، وكان يشغل منصب رئيس الوزراء في عهد الخوميني من سنة 1981 إلى سنة 1989م، وهو آخر رئيس وزراء لإيران قبل إلغاء هذا المنصب أصلاً! والمرشح الثالث هو مهدي كروبي من الإصلاحيين، وكان يرأس البرلمان الإيراني من سنة 1989 إلى سنة 1992م. والرابع هو محسن رضائي من المحافظين، وكان يشغل مركز قائد الحرس الثوري في أثناء الحرب الإيرانية العراقية!!
إنهم جميعًا من أبناء النظام، ومن المؤيدين بقوة لكل كلمة يقولها المرشد القائد.
بني صدر وقد يحدث أحيانًا وينسى رئيس الجمهورية المنتخَب من الشعب نفسه، ويأخذ قرارًا يخالف رأي مرشد الثورة، فماذا يحدث عندئذ؟! لا داعي للتكهنات، فقد رأينا واقعًا يوضح لنا الصورة؛ فعلى سبيل المثال تم انتخاب
بني صدر ليكون أول رئيس لجمهورية إيران أيام الخوميني سنة 1980م، وظن "بني صدر" أنه أصبح رئيسًا ككل رؤساء العالم يمسك بمقاليد الأمور في دولته، خاصة أنه قد أتى إلى كرسيِّ الحكم بنسبة 75% من أصوات الشعب، وهي نسبة كبيرة كما نعلم، إلا أنه وجد نفسه لا حول له ولا قوة، ولا يملك أن يكلف رئيس وزراء لحكومته، بل لا يستطيع المشاركة في اختيار الوزراء، وكل صغيرة وكبيرة لا بد من الرجوع فيها إلى الخوميني القائد، فلم يطمئن لهذا الوضع واعترض! فماذا كانت النتيجة؟!
لقد عزله الخوميني من منصبه وعيَّن رئيسًا آخر!!
عزله بعد أن حصل على 75% من أصوات الشعب، فأي قيمة إذن للانتخابات؟ ولماذا تنفق الأموال في الدعايات؟ ولماذا تعقد المناظرات في وسائل الإعلام؟
وعندما أجاز الرئيس علي خامنئي - الذي كان رئيسًا لإيران من سنة 1981 إلى سنة 1989م - قانونَ العمل بعد أن عارضه مجلس صيانة الدستور بتوجيه من الخوميني، وجَّه الخوميني رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس علي خامنئي، وذكَّره في هذه الرسالة أن ولاية الفقيه كولاية الرسول r؛ لأنه معيَّن من قِبل الإمام الغائب، ورضخ الرئيس علي خامنئي للأمر، مع أن علي خامنئي سيصبح بعد وفاة الخوميني هو المرشد للثورة، وتنتقل العصمة إليه بذلك، وعندها لن يُقبل أي تعقيب لحكمه!
الإصلاحيون الوجه الآخر للمحافظين
ثم إننا رأينا الإصلاحيين في منصب رئيس الجمهورية، فقد حكم محمد خاتمي من سنة 1997م إلى سنة 2005م، فهل رأينا جديدًا؟!
وهل إيران تحت حكم الإصلاحيين تختلف عنها تحت حكم المحافظين؟ أم أن الأمر في النهاية في يد شخص واحد هو القائد المرشد؟!
ثم إننا نقول أيضًا أن الإصلاحيين والمحافظين لا يمثلون أحزابًا منفصلة في إيران، وليست هناك مؤسسات تضمن توجُّه رئيس معين؛ فأحمدي نجاد لا يمثل إلا نفسه في الانتخابات، وكذلك مير حسين موسوي الإصلاحي، وليس الأمر كما هو في أمريكا مثلاً، عندما يمثل أوباما برنامج الديمقراطيين، في حين يمثل ماكين برنامج الجمهوريين.. إن الأمر أبسط من ذلك بكثير في إيران؛ لأنه مجرد تمثيلية لا وزن لها.
وحتى عندما قامت الصراعات بين المرشحين في شوارع إيران، وتبادلوا الاتهامات في وسائل الإعلام، فإن القيادة الدينية سكتت عن ذلك، وكان هذا السكوت متعمدًا، وقد علَّق على ذلك الخاسر مير حسين موسوي بقوله: "كل السبل للحصول على الحقوق مغلقة، وإن الشعب الإيراني يواجه صمت رجال الدين المهمين"[3].
وأضاف أيضًا أن هذا الصمت أخطر من التزوير.
لقد صمت رجال الدين ليظهر الصراع وكأن صراع على منصب مهم جدًّا، وليبرزوا الديمقراطية في البلاد، ووجود تيارين، وترجيح كفة على كفة بواسطة الشعب، بينما الأمر كله في النهاية لا يعدو أن يكون مسرحية سيقوم الشعب فيها باختيار الممثِّل الذي يؤدي ما يكتبه مؤلف السيناريو قائد الثورة!
والمصيبة بعد كل ذلك أن هذا القائد المرشد لا يحكم بالقرآن والسُّنَّة، إنما يرسِّخ انحرافًا عقائديًّا خطيرًا، ويحكم بتفويض من الإمام الغائب الذي دخل السرداب، ويحرِّك الدولة بكاملها وفق الهوى الشخصي الذي لا يجوز الاعتراض عليه!
أسباب الانبهار
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا ننبهر بهذه الأوضاع المأساوية؟! ولماذا نرى بعض الكُتَّاب - وأحيانًا من الإسلاميين - يعتبرون إيران نموذجًا يجب أن يُحتذى؟!
إننا ننبهر لعدة أسباب..
منها أننا لا نعرف كل هذه الحقائق في الدستور الإيراني، وفي نظام الحكم هناك، وفي علاقة المرشد برئيس الجمهورية، ومن ثَمَّ فنحن نحكم بعاطفتنا لا بعقلنا، ونميل مع أي إنسان رفع راية الإسلام، ولو كان محرِّفًا مبدلاً.
ومنها أننا لا نعرف الإسلام الحقيقي الذي يسمح للمسلمين أن يعترضوا على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بل إنه كان يسمح بمناقشة رسول الله r في الأمور التي ليس فيها وحي.
ومنها أننا نعاني في البلاد العربية من حكم دكتاتوري قهري، ومن تزوير فاضح في الانتخابات، ومن فساد كبير في كل القطاعات، ومن ثَم فنحن نبحث عن نموذج ناجح ولو بصورة ضئيلة، ونتغاضى عن كثير من السلبيات، ونغضُّ الطرف عنها، لنقول في النهاية: الحمد لله، هناك دولة إسلامية تطبِّق الشورى!!
ومنها أننا لا نتابع المخاطر التي تتعرض لها العراق والبحرين والسعودية وسوريا ومصر ولبنان، بل والسُّنَّة في إيران نفسها من جرّاء تولي السلطة لمرشد يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه، ويعتقد أن السنة في العالَم مفرطون في الدين، وإن الإمام الغائب قد فوَّضه لتصحيح أوضاع الدنيا لكي تستقبل الإمام المهدي عند عودته!
ومنها أننا نعاني من ظلم أمريكا واليهود، ونفرح إذا تكلم في حقهما أحد، ولا نهتم بمتابعة الأحداث، ولا بقراءة التاريخ، لنعرف أن احتماليات هجوم إيران على إسرائيل لتحرير فلسطين تساوي صفرًا!
إننا - أيها المسلمون - نحتاج أن نبني أمتنا على قواعد سليمة، وأسس صحيحة، ولا يكون هذا في منهج شرقي أو غربي، ولا في مبادئ شيعية أو خوارج، إنما في قرآن وسُنَّة، وعودة إلى الأصول، ودراسة لمنهج الرسول r في التغيير، وكذلك مناهج الصالحين في تاريخ أمتنا، وما أكثرهم!
أما الانبهار بالمنحرفين فهذا ليس من شيم الصالحين، وأسأل الله U أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
د. راغب السرجاني
[1] الخوميني: الحكومة الإسلامية ص52.
[2] الكليني: الأصول من الكافي 1/67.
[3] انظر موقع مفكرة الإسلام، الرابط:
http://www.islammemo.cc/akhbar/Asia-we-Australia/2009/06/13/83473.html