المنتدى الدكالي
تسجل معنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المنتدى الدكالي
تسجل معنا
المنتدى الدكالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مساحة للحوار بين أبناء دكالة


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

admin

admin
Admin
Admin
هو محمد بن العلامة أحمد بن عبد الله الرافعي الدكالي، نسبة إلى أولاد رافع بسيدي بنور، جعل القاضي سكيرج وهو معاصر، ولادته في عام 1306 ﻫ بأزمور، في حين أرجعها القاضي السايح وهو معاصر أيضاً، إلى عام 1303 ﻫ.

توفي والده بأزمور وهو طفل صغير فكفله جده الشيخ الحسن بن الفاطمي الأزموري أحد أئمة مساجد أزمور ومن الذين اشتهروا بحفظ القرآن الكريم بالقراءات العشر، وعلى يده بدأ فقيهنا دراسته الأولى.

ومن فقهاء أزمور الذين تتلمذ عليهم: محمد بن الحاج اﻟﻄﻴﺒﻲ الرافعي ومحمد بن عبد الرزاق الأزموري وإسماعيل الحسيني من أحفاد الولي الصالح سيدي مسعود دفين قبيلة أولاد فرج، وعلى يد هذا الفقيه ختم الرافعي القرآن الكريم.

اهتم الفقيه الرافعي في المرحلة الثانية من دراسته بالعلوم الدينية واللغوية، ومن أشهر أساتذته بأزمور: الشيخ الفقيه محمد بن محمد السكتيوي التطواني، والشيخ الفقيه أبو النعائم الحاج بوشعيب الأزموري، والشيخ الفقيه القاضي أبو شعيب بن محمد الهلالي الأزموري والشيخ الفقيه أحمد بن محمد فرج.

وعندما بلغ مرحلة الشباب رحل فقيهنا إلى فاس ودخل جامعة القرويين للدراسة بها، ومن شيوخه بالقرويين في التفسير والحديث والفقه والآداب والعلوم:

الشيخ العالم الفقيه ابن الجيلالي، والشيخ العالم الفقيه أحمد بن الخياط والشيخ العالم الفقيه أكنسوس وغيرهم.

ويروى أن العالم ابن الخياط قال عن الرافعي: «لقد جاء ليأخذ عنا فأخذنا عنه».

وعندما عاد إلى مسقط رأسه انكب على المطالعة والتحصيل خاصة وقد «أوتي الكثيرة من كمال القابلية والاستعداد الفطري، وبالاستغراق في المطالعة اكتسب ذلك العلم الواسع، لقد أوجد الفقيه الرافعي نفسه وكونها بطرائق قدداً كانت كلها ضرباً من الاعجاز فأصبحت شخصيته بحق مثال العبقرية التي تترعرع وتنمو بتوارد السنين». وذلك كما وصفه بعض معاصريه (مجلة الثقافة العربية، العدد الثالث، أكتوبر 1941، ص. 123).



الرافعي المفسر والمحدث

كان الفقيه الرافعي رحمة الله عليه محدثاً ومفسراً بارعاً وأصولياً بارزاً «إنه عالم العلماء ومحدث المحدثين». (ابن الحسن، مجلة الثقافة، العدد الثالث، أكتوبر 1941، ص. 130).

وفي "الكناشة المخطوطة" للرافعي والموجودة بالخزانة العامة بالرباط (ك 1198) صفحات عديدة من علوم التفسير والحديث وأنواعه وعن رواته وما يتعلق بالسند والمتن، وجميعها تؤكد باعه الطويل في هذا المجال.



الرافعي الفيلسوف والمفكر

حرص الفقيه الرافعي على الاطلاع على الفلسفة الغربية، ومن بين الذين كان لهم دور في ترجمة مؤلفات الفلاسفة وأفكارهم: عبد الرحمن البنوري أستاذ بمعهد الدراسات العليا بالرباط، وقد أكد الأستاذ الحسن السايح بأن البنوري كان مسيحياً وأسلم، وأنه كان كثير الاتصال بالفقيه الرافعي والتردد عليه بالجديدة.

لقد بلغ فقيهنا في الدراسات الفلسفية شأواً بعيداً كمايفهم ذلك من العبارات التي دونها عنه بعض معاصريه:

«إن الرافعي قد زاول الفلسفة كثيراً ودرسها دراسة عميقة وتشبع من مذاهبها وآرائها، فتكيف بها فكره واصطبغ بها ذهنه». (القاضي السايح).

كما أنه «تخصص في علم الكلام وقد أعانه عليه اعتناؤه بمطالعة كتب الفلسفة القديمة». (العلامة عبد الحفيظ الفاسي).

«لقد أدرك الرافعي غاية الإدراك أساطير الفلسفة في القديم والحديث، وعندما ظهر كتاب "قصة الفلسفة اليونانية" كان الرافعي يستدرك على أحمد أمين ونجيب محمود أشياء من صميم الفلسفة الإغريقية، وباختصار إن النبوغ المغربي قد ترعرع في الفقيه الرافعي». (ابن الحسن).

وكنموذج لأسلوب الفقيه الرافعي كما جاء في إحدى رسائله التي يحتفظ بها الأستاذ السايح: «وبعد فقد جرى بيني وبينك المذاكرة عن السلب والإيجاب، فأجبت بما كان حاضراً يلوح لي من خلال ما أعرفه، والواقع أني اقتنعت بذلك في نفسي فكيف أرجو بالذات إقناع من هو مثلكم في النبوغ والعبقرية، وفاقد الشيء لا يعطيه إلى أن دخل بيدي كتاب في الميتافيزيكية كتبه فيلسوف إسباني وموضوعه عن الحكمة النظرية الباحثة عن حقيقة العقل والإدراك التصوري والتصديق كما يعالج أبحاثاً نفسية عن الشعور والانتباه وحقيقة الوجود».

ومما علق به الأستاذ السايح «كان الرافعي يجد لذته في الفلسفة فيعلق دائماً على كتب الفلسفة وأحياناً يتجاوز الحواشي ويدخل في الخطوط المكتوبة فيعلق عليها، فلا نحن نقرأ النص ولا نحن نقرأ التعليق ومع ذلك فحتى في خطه المتعة وأنك عندما تحاول فك الألغاز يعطيك فرصة للتأمل فيما يكتب».



الرافعي المؤرخ

كان الفقيه الرافعي مؤرخاً حافظاً يضرب به المثل في دراسة تاريخ العالم وتاريخ النهضة الأوربية بوجه خاص «قرأ تاريخ ابن خلدون بأجزائه الضخام وعلق على كل صفحة من صفحاته، ولقد رأيت كل أجزاء ابن خلدون وكل صفحة من "ديوان العبر" مذيلة بالتعاليق التي كان يضعها الرافعي أثناء مطالعته لهذا الكتاب فتيقنت أن للرجل يداً طولى في فن التاريخ». (ابن الحسن).

ومما وقفتُ عليه بكناشته المخطوط بالرباط (ك 1198، ص. 86):

«حولت فرنسا بقايا قائدها نابليون الأول من جزيرة سانت هيلانه في سنة 1839 بعد موته بسنة وفي ذلك الوقت كانت الحرب بين محمد علي المصري وبين ملكه محمود وكان يوم دخول شظايا نابليون يوماً مشهوداً... ومقصدهم الأعظم من نقله التشاغل به عن التدخل في الصلح بين محمد علي ورب نعمته».



الرافعي الكاتب والناقد

«كتاب الرافعي في أعلى طبقة فصاحة وبلاغة عامرة بالمعاني مرصعة بالأمثال خالية من الحشو والركاكة مع حدة في القلم واللسان عند الانتقاد والاعتراض، إن للرافعي كنانيش كثيرة مع كتابة على هوامش الكثير من الكتب التي كان يطالعها وفي كليهما بحوثه وانتقاداته»، (العلامة عبد الحفيظ الفاسي).

«لقد رأيت "وفيات الأعيان" لابن خلكان تتزاحم جوانب صفحاتها بخط رديء كان هو خط الرافعي، ثم رأيته هو نفسه، فسمعته يذكر ما في "الأغاني" و"نهاية الأرب" فعلمت أنه أديب»، (ابن الحسن).

كان الرافعي يحفظ الكثير من دواوين العرب وأشعارهم وقد اعتمد عليه طالبه العربي المسعودي عندما كان يحضر الإجازة في الآداب بجامعة الجزائر كما أخبرني بذلك.

أما الرافعي الناقد فقد كان «لا يتهيب الأفكار ولا يتردد في مصاولة الأقران بل يهجم على ما يخالف نظرياته هجوماً شأن الواثق بنظره العلمي»، (القاضي السايح).



الرافعي العالم

«كثيراً ما كانت تجري بمجالس الرافعي بعض المباحث العلمية فيفور برسائل متدفقة علماً وتحقيقاً وتحريراً، وكثيراً ما كان يقوم بمطارحة المسائل العلمية ويوفد إلى علماء عصره سلسلة من المسائل الغامضة، فعندما ظهر للعالم أبي العباس أحمد بن المواز كتابه "حجة المنذرين" وجه إليه الرافعي سلسلة من الأسئلة في الموضوع فأجابه عنها ابن المواز برسالة سماها "دفع الوسواس عن مخالجة الأنفاس"» (القاضي السايح).

«لم تكن للرافعي مؤلفات وإنما كانت له رسائل كان يوجهها لبعض الأفراد... إلا أنه غالباً لا يحظى منهم بجواب لما كانوا يشمون فيها من رائحة التعنت ومحاولة التعجيز، وما ورد عليه من بعضهم قال إنه لم يرضه»، (العالم عبد الحفيظ الفاسي).

وعن اهتماماته بعلم الفلك أكد (ابن الحسن) وهو من تلامذة الرافعي «ثم زرته مرة ثانية فوجدته حائراً بربعه يبحث عن شؤون المشتري والمريخ فقلت إنه مغرم بما في السماء» ويضيف العربي المسعودي بأنه كان للرافعي اصطرلاب أهداه إياه المولى عبد الحفيظ وبأن رواد الرافعي من بلاد دكالة في هذا المجال كثيرون.

ومن الجوانب الجديرة بالاهتمام هو أن الفقيه الرافعي كانت له صلات قوية مع عدد من كبار المستشرقين الفرنسيين الذين كانوا يزورونه بمدينة الجديدة، ومن هؤلاء حسبما ذكر لي العربي المسعودي:



- هنري ديكاستري: صاحب الموسوعة التاريخية: "المصادر الأصلية لتاريخ المغرب" (29 مجلداً).

- دوسان فال: أمين الخزانة العامة بباريز.

- جورج كولان: المؤرخ الفرنسي، ومن تحقيقاته: "تاريخ الدولة السعدية"
للمؤلف المجهول.



- ماسينيون: ومن كتبه: "المغرب في مطلع القرن السادس عشر".

- وليام مارسي: المستشرق الفرنسي.

- بروفنصال: صاحب أول فهرس لمخطوطات الخزانة العامة بالرباط.



الرافعي المعلم الأستاذ

اتخذ الفقيه الرافعي من بيت خاله في (حي مارشان - الحسن الثاني اليوم) بالجديدة منتدى علمياً ومجلساً لأحاديثه وفتاويه ولمختلف لقاءاته مع الزوار الذين يحجون إليه من الأقاليم ومن كل البلاد (العربي المسعودي).

«كنت قد زرت الجديدة في عام سبعة وثلاثين وثلاثمائة وألف فاجتمعت إذاك به وهو أول ما تعرفت به فألقيت عليه بحثاً في مسألة التعامل في البيع والنكاح والطلاق وغيرها حسب مختلف المذاهب حيث يكون شرط النازلة أو حكمها خلاف ما عند الآخر»، (القاضي السايح).

«وكثيراً ما كان يجري بمجلسه بعض المباحث العلمية فيفور برسائل متدفقة علماً وتحقيقاً وتحريراً... وعندما ورد علينا الرباط في فواتح جمادى الثانية عام 1341 قضيتُ معه عدة أيام في محاورات ومناظرات وقد جرى بيني وبينه من المباحث العلمية كتابة ومشافهة ما لو حفظ لقرت به العين»، (القاضي السايح).

«لقد عرف الرافعي بأسماره وأحاديثه وغرفه البعض من فتاويه وتعاليقه»، (ابن الحسن).

وقد كانت الفتاوي ترد عليه من جميع أنحاء المغرب في الأمور الدينية وغيرها، وكان الفقيه الرافعي يملي على تلامذته الفتاوي المختلفة، ومن هؤلاء تلميذه العربي المسعودي الذي ذكر لي بأن من الفتاوي العويصة التي أفتى فيها الفقيه الرافعي فتوى أسرة الرزيني من تطوان التي دامت نحو ثلاثين سنة وبأن فتاويه كان يحكم بها المجلس الأعلى بالرباط.

ومن فتاوي الفقيه الرافعي جوابه لمحمد المكي الناصري الذي لا يزال يحتفظ به في خزانته وقد أطلعني عليها، ومما دونه الناصري في كناشته الخاصة: «وقع خسوف في القمر ليلة الجمعة 13 محرم 1343/ 15 غشت 1924 فاجتمعت الكلمة بيني وبين إخواني الطلبة على إقامة صلاة الخسوف جماعة في المساجد بالرباط بعد معرفة ما ذكره فقهاء المالكية المتأخرون في ذلك قصداً إلى إحياء هذه السنة التي أميتت حتى يحصل تنبيه العوام لها ويقع فيهم رعب وخوف من الله تعالى عند مشاهدة مثل هذه الآيات التي يخوف الله بها عباده فقمنا بذلك بعد صلاة العشاء بالزاوية القاسمية بالرباط وصرنا نصلي ركعتين ركعتين كالتراويح حتى انجلى القمر كما هي السنة، فقام علينا بذلك نكير وأي نكير ونودي علينا بالنفير وشرع بعض متفقهة الرباط في الرد علينا بوجوه السب وأنواع التقريع، فتعاقدنا على أن نكتب كتاباً إلى فضيلة (مطلع المغرب الداهية سيدي محمد الرافعي بالجديدة)».

أما جواب الفقيه الرافعي فقد كان مؤرخاً بيوم 18 محرم 1343/ 19 غشت 1924 وقد أكد وقوفه مع الصلاة جماعة والإكثار منها في مختلف المناسبات، وفي ذلك ما يعكس دعوته لوحدة الصف ودور المسجد في ذلك خاصة وأن فقيهنا الرافعي قد أدرك بأن الذين راسلوه هم جماعة من الطلبة. ولم تمض فترة قصيرة حتى عمت في المساجد تلاوة القرآن الكريم جماعة أيام الجمع بوجه خاص.

ومن جواب الرافعي نلمس أيضاً بأن الفقيه كان يدرك بأن أجوبته وفتاويه ومراسلاته معرضة للضياع، لذلك أوصى بالمحافظة على هذه الفتاوي والأجوبة «... موصياً إياك بأن تحتفظ بهذا التحرير فقد لا تكاد تجده في كتاب... هذا ما حرره الفقير إلى الله محمد بن أحمد الرافعي مسلماً على كل من يقف عليه».

وفي الكناشة المخطوطة بالرباط (ك 1198) أجوبة للفقيه الرافعي تتعلق بموضوعات مختلفة: في التفسير والحديث وأنوعه ورواته وفي علوم الطبيعة والكون وفيما يرجع إلى ضبط أسماء العلماء والفقهاء والأدباء والمؤرخين واللغويين والفلاسفة وعلماء الكلام وغيرهم من المشرق والمغرب وذكر لمؤلفاتهم وتواريخ ولادتهم ووفياتهم... وفي الوقت نفسه يحرص الرافعي على إرشاد سائله «فاحفظ ذلك وأعط لكل مقام ما يناسبه وإياك والوقوف مع التأملات... انظر شفاء العليل للإمام ابن القيم... وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية». وكثيراً ما كان يثبت توقيعه عند نهاية كل جواب أو فصل (انتهى: محمد بن أحمد الرافعي لطف الله به).



الرافعي الداعية والمجاهد بالكلمة والقلم

كان الرافعي نموذج العالم المفكر الحريص على نشر الوعي في وسطه وأينما حل وارتحل وفي أوساط العلماء المعاصرين له عن طريق مكاتبتهم وإثارة العديد من المشاكل التي من شأنها أن تحدث تغييراً جوهرياً في طرق البحث والدراسة وأنماط التفكير، وقد رأى وجاهة ذلك على التأليف وملء الرفوف بالمؤلفات التي تنتظر من يقرؤها ويطلع عليها.

ولم يكن الرافعي يخفي إعجابه بالنهضة العلمية الأوربية وبالعلماء الأوربيين في أبحاثهم ودراساتهم المتنوعة، ولذلك تجاوب مع المستشرقين الفرنسيين وغيرهم الذين زاروه وتحدثوا إليه في الموضوعات المختلفة والذين وجدوا فيه نموذجاً للعالم الواعي الكفء.

لقد ندب نفسه للجهاد بالكلمة والقلم في سبيل نشر الوعي بين أبناء وطنه: الوعي بالوضعية التي آلت إليه البلاد والعباد في وقت تقدمت أمم مجاورة بأوربا الغربية وتطورت وسائل حياتها وسبل تفكيرها واختراعات علمائها.

إن الداعية الرافعي قد أعاد بجهاده صورة لما كان عليه السلف الصالح قبل بضعة قرون عندما تمركز الاحتلال الإسباني والبرتغالي بالسواحل المغربية فانطلق الدعاة يحرضون الناس على الجهاد ويتقدمون صفوف المجاهدين ضد الغزاة المحتلين.

ويدخل في هذا المضمار مواجهة الفقيه الرافعي لعدد من المستشرقين الذين اتصلوا به واستنكاره لطرق تفكيرهم وما ينسبونه للإسلام من خرافات وأوهام مؤكداً لهم إن ذلك كله من رواسب الصليبية في العقلية الأوربية الاستعمارية ويضيف (المسعودي) رحمه الله بأن الفقيه الرافعي كان له دور هام في انتقاله إلى الجزائر للدراسة بها وتعلم اللغة الفرنسية كلغة للعلم والثقافة والحضارة الغربية.

ومن جهة أخرى لقد كان الفقيه الرافعي تيجانياً يتعاطف مع مختلف الطرق الدينية إلا أنه كان يتحامل على الطرق التي تسعى إلى استغلال العامة وتسخيرهم ويأخذ على رؤسائها عدم اتصالهم بكبار العلماء ومناقشتهم في الموضوعات الدينية المختلفة.



الرافعي الوطني والسياسي

لقد عاصر فقيهنا أحداثاً خطيرة عرفها العالم العربي والإسلامي والمغرب خاصة خلال الأربعين سنة الأولى من القرن العشرين: التهديدات الاستعمارية: الفرنسية والإسبانية والدولية للمغرب، ثورة (بوحمارة) - مؤتمر الجزيرة الخضراء، فرض الحماية الأجنبية وتجزئة البلاد، حرب الريف، قيام الحركة الوطنية غداة الظهير البربري ونشوء الحركات السياسية.

وجميع هذه الأحداث كان الرافعي ملماً بها ومتجاوباً معها:



® فقد زار مدينة طنجة وتعرف بجبالة على الزعيم المجاهد أحمد الريسوني كما أكد لي ذلك المسعودي.

® وعن طريق تلميذه القاضي الحاج أحمد الأزموري المدعو الدرقاوي الذي كان من جلساء المولى عبد الحفيظ وقف الفقيه الرافعي على الكثير من الأحداث السياسية المعاصرة.

® ومن الذين اتصل بهم الرافعي من رجال السياسة المغربية الحاج محمد الجباص الوزير الصدر الأعظم الذي أمضى بقية حياته بالجديدة منذ عام 1918، وقد كان الجباص ملازماً للرافعي الذي تعرف منه على العديد من خفايا السياسة العامة للبلاد.

® أكد لي المسعودي بأن الفقيه الرافعي كان يطلب منه ترجمة العديد من الصحف الأجنبية الصادرة بالمغرب والخارج والتي كانت تتحدث عن المشكل المغربي بوجه خاص.

® كان الفقيه الرافعي يتتبع الحركات الوطنية بالشرق العربي وفي مصر بوجه خاص، ومما وقفت عليه في مخطوطته بالرباط (ك 1198، ص. 71):



«تاريخ ظهور جريدة اللواء للوجود التي أنشأها الفيلسوف في السياسة العظيم الشأن في كمال الإيمان والرفيع المقام في الغيرة الشديدة وثبات الجأش وقوة العزيمة رجل الدنيا ووحيدها على صغر سنه المرحوم مصطفى كامل باشا الشهير، كان في افتتاح رمضان تيمناً إذ فيه نزل القرآن العظيم... من عام سبعة وعشرين وثلاثمائة وألف موافق 5 يناير 1900 ومات رحمه الله سنة 1326 عن 35 سنة.

فصول اللواء التي كانت لا تسقط منها أبداً:



1 - المنبر العام: ينشر فيه كل ما كان يروى من الرسائل السياسية والاقتراحات المفيدة للوطن والاختراعات الحديثة التي يخترعها أبناء البلاد المصرية.

2 - أوربا وبلاد الإسلام: ينشر فيه ما يكتب في جرائد أوربا على الإسلام والمسلمين وكل ما له علاقة بذلك.

3 - أخلاق وآداب لانتقاد الأخلاق الفائدة والحث على الفضال ومكارم الأخلاق.

4 - بريد الإسلام: يشتمل على كل أخبار البلاد الإسلامية.

5 - بريد العالمين: ينشر فيه أخبار أوربا وأمريكا وآسيا.

6 - بريد الوطن: ينشر فيه قصص الوطنية التي من شأنها بث الروح الوطنية الطاهرة في أبناء الوطن».



وعن تجاوب الفقيه الرافعي مع أحداث عصره (فالمسعودي) يروي أحداثاً كثيرة تؤكد ذلك:



® فبعد القضاء على ثورة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي بالريف قام الفرنسيون بنفي بعض قادة الثورة إلى مدينة الجديدة، وبذلك اتصل فقيهنا بهم: المرحوم أزرقان وزير الزعيم عبد الكريم الخطابي، المرحوم محمد بوجيبار وغيرهم...

® وعندما أصدر الفرنسيون الظهير البربري (16 ماي 1930) كان الفقيه الرافعي من الذين استنكروه، ولم يخف استياءه من تصرف الباشا البغدادي بفاس اتجاه الوطنيين الشباب.

® ولما نفى الفرنسيون بعض الوطنيين أمثال: محمد الغزاوي، الفقيه الغازي، أحمد باحنيني إلى سجن العاذر القريب من الجديدة كان للفقيه الرافعي يد كبرى في إخراجهم من السجن ونقلهم إلى المستشفى الرئيسي بالجديدة بعد الاتفاق مع الطبيب الفرنسي (Doux la Nuit) حيث نقلوا إلى المستشفى كمعتقلين مرضى تحت الحراسة المستمرة.

® كانت للفقيه الرافعي مراسلات خاصة مع شكيب أرسلان في شتى المناسبات، وقد تمت بواسطة بعض أصدقاء الفقيه بتطوان أمثال: المرحوم عبد الخالق الطريس والمرحوم عبد السلام بنونة.

® لقد كان الفقيه الرافعي تيجانياً وعلى صلة قوية بصديقه القاضي أحمد سكيرج قاضي الجديدة الذي كان تيجانياً أيضاً والذي كان بيته ملتقى عدد كبير من المشايخ التيجانيين بغربي إفريقيا فاطلاع الفقيه الرافعي على الأحداث السياسية لم يقتصر على الجانب الوطني وإنما شمل أيضاً العالم العربي وغربي إفريقيا المسلمة.



الرافعي الزاهد الورع

عرف الفقيه الرافعي رحمة الله عليه بالوداعة والعفة والورع وبكل صفات العلماء الأجلاء، فقد كان يقيم غالباً في بيته بالجديدة حيث كان القوم يفدون عليه لزيارته والاستماع إليه وحسب رواية (المسعودي) فلم يكن للفقيه الرافعي دخل قار عدا المحنة الحبسية الضئيلة التي كانت تخصص للعلماء أمثاله، وكثيراً ما كان الملكان المرحومان: المولى يوسف وجلالة محمد الخامس، يبعثان إليه بهبات ملكية بين الآونة والأخرى.



وفاة الفقيه الرافعي

أصيب الفقيه الرافعي قبيل وفاته بضعف عصبي وبجفاف في الدماغ نشأ طبعاً من كثرة النظر والسهر وكانت وفاته يوم الجمعة 14 رجب عام 1360 عن سبع وخمسين سنة. حضر وفاته جمع غفير من الفقهاء والعلماء الذين قدموا من مناطق مختلفة، وترأس جنازته وتأبينه صديقه المرحوم البشير بن عبد الله الفاسي الفهري قاضي الجديدة ودفن بمقبرة (سيدي أحمد النخل) قبالة مشهد (بووَافي) بالجديدة (القاضي السايح).

وفي الذكرى الأربعينية لوفاته أقيم حفل تأبيني بالجديدة ألقى خلاله عدد من أصدقائه وطلابه كلمات مختلفة: القاضي العلامة محمد السايح، القاضي العلامة عبد الحفيظ الفاسي، العالم السيد ابن الحسن، العالم المحدث عبد الرحمان الدكالي: «لقد تحدث الناس كثيراً عن الرافعي وذاع صيته في كل قرية ومدينة وذكر الناس عبقريته في كثير من الإطناب والإعجاب وشدت له الرحال، كل ذلك لا بكتاب أخرجه للناس، وإنما عرف الرافعي بأسماره وأحاديثه وعرفه البعض من فتاويه وتعاليقه وفريق آخر سمع منه فقط فأصبح يطريه كمن رآه، والجميع اتفق على تقديره ورفعه إلى مكانة مفكر عظيم وفيلسوف خطير ومؤرخ مطلع وأديب باحث... إنه عالم العلماء وفقيه الفقهاء ومحدث المحدثين». (ابن الحسن).

ومن قصيدة للمرحوم عبد الرحمن الدكالي ألقاها بالنيابة عنه في حفل تأبين الفقيه الرافعي أخوه المرحوم أحمد الدكالي في شعبان 1360/ سبتمبر 1941، وكان قد أملاها علي، رحم الله الجميع:



أبى الشعر إلا أن أهم فأحجم






وقال لساني لا أطيق تكلما

وما شئت حدث عن همومك إنني






أرى الكون من فرط الأسى صار مظلما

نعم مات شيخي الرافعي وإنه






لركن الهدي ياللهدي قد تثلما

فقل للذي يبكي التقى متجسما






وينشد علماً بالتقى متعمما

وهيهات علم الرافعي وفضله






لقد كان شيخاً في العلوم مقدما



الدكتور عبد الكريم كريم

https://doukala.yoo7.com

mostafa


عضو فعال
عضو فعال
شكرا أخي المشرف على هذا النص الرائع والنصوص الأخرى. دكالة بلاد العلم ، أعطت الكثير.يشعر الإنسان كم هو صغير لما يطالع ، ولو بعض الشيئ ، على ما كتبه وفعله قدمائنا.من رعي الغنم والجامع إلى منبر مسجد مكة المكرمة كما كان حال العلامة شعيب الدكالي! نتعجب أيضا من إنتشار الأمية ، عدوة الإنسان ، بهذا الحجم.

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى