المنتدى الدكالي
تسجل معنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المنتدى الدكالي
تسجل معنا
المنتدى الدكالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مساحة للحوار بين أبناء دكالة


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

admin

admin
Admin
Admin

أطوار ثورة أولاد زيد ونتائجها الكبرى
مدبرواهذه الفتنة ومؤججوها هم أولاد زيد، إحدى الفخدات السبع المكونة لقبيلة البحاترة ، أوسع قبائل عبدة مساحة وأكثرها سكانا(1)، ولئن كانوا محسوبين على البحاترة، فإنهم في أرومتهم وأصلهم غرباء عنها، وعن مجموع قبائل عبدة، لا تربطهم بهم أية قرابة دموية أو حتى جوار جغرافي بمواطنهم الأصلية، التي وفدوا منها، ذلك أن قبائل عبدة، التي تنتسب إلى عبيد الله المعقلي جاءوا من جنوب المغرب(2)، في حين ينحدر أولاد زيد من تجمع قبائل دكالة، فهم ينتسبون إلـى قبيلة أولاد فرج (3)، إحدى القبائل الست المكونة لما يسمى قبائل "الشرقية"(4)، والتي كما يفصح اسمها، وفدت على دكالة من هضاب ونجود المغرب الشرقي (5)؛ ويظهر أن أولاد زيد كانوا يمتهنون الرعي، كأسلافهم القدامى بسهوب المغرب الشرقي، وأنهم لم يعطوا كبير اهتمام للزراعة كبقية إخوانهم بدكالة وجيرتهم عبدة، ومن المحتمل جدا أن مستقر أولاد فرج على الضفة اليسرى لنهر أم الربيع شرق مدينة أزمور(6)، قد شهد زيادة كبيرة في عدد السكان(7)، وتوسعا في الاستغلال الزراعي، بفضل ما يوفره السهل الفيضي هناك من خصوبة متجددة وماء متدفق، الأمر الذي ضيق من مجال نجعة أولاد زيد، ودفع بهم إلى خارج ديار أهليهم وعشيرتهم، ليجدوا في الجوار القريب بجهة "الساحل"( المسرح المنشود، فأراضيه صخرية، لا تصلـح للحرث والزرع ، تتكاثف بين حجارة صخورها باقات متفرقة من العشب، تستفيد في نموها وتجدد إنباتها من المطر ورطوبة البحر، ولاشك أن أولاد زيد استطابوا المقام بهذه الجهة ، مشجعين بإمكانياتها الرعوية وقلة عدد سكانها، إذ كان الوطاسيون هجروا أكثرهم سنة 1515(9)، ونعتقد أن نزوح أولاد زيد إلى الساحل حدث قبل توسع قبائل عبدة في الشمال والشرق خلال القرن الثامن عشر، وقبل أن يتم الفصل الإداري والتمييز القبلي بين دكالة البيضاء في الشمال ودكالة الحمراء في الجنوب، أي بين ما أصبح يعرف لاحقا بدكالة وعبدة سنة 1153هـ /1740م(10).

وتضم فخدة أولاد زيد ثماني فرق هم أولاد رحال وأولاد سلمان وأولاد إبراهيم وأولاد سعيد والجلـيدات وأكدال وسيدي عبد الرحمان مسعود وأولاد لحسن (11)، يتوزعون على مائة وخمسين دوارا، فاقت به ما كان يوجد بكل فخدة من بقية فخدات البحاترة(12)، وبالنظر إلى خريطة قبيلة البحاترة، نقف على أن أولاد زيد كانوا يستأثرون بالقسم الأكبر من جهة "الساحل"، وأنهم بامتداد ربعهم نحو الجنوب، تتصل أراضيهم بمدار مدينة آسفي، مما أفادهم بمنفذين بحريين، الأول بديارهم وهو ميناء كاب كانتان، والثاني هو ميناء آسفي، الذي كان في وقت واحد، متنفسا تجاريا على العالم الخارجي لمنطقة عبدة وجوارها مناطق أحمر ودكالة والحوز.

وبالبحث في التاريخ القريب لقبيلة البحاترة، وفيما تأجج فيها من فتن واضطرابات، فإننا نجد سكوتا عن تفصيل أدوار قبيلة البحاترة وغيرها من قبائل عبدة في الانتفاضات التي قامت في عهد السلطان المولى سليمان، بمنطقة عبدة بداية القرن التاسع عشر(13)، لكننا نظفر بتفصيلات مهمة في عهد خلفه المولى عبد الرحمان، تخبرنا بأن قبيلة البحاترة كانت تحت إدارة القائد محمد الغنيمي وذلك "معظم دولة السلطان المولى عبد الرحمان"(14)، الذي امتد حكمه حتى سنة 1859، وأن القائد المذكور"كان من أفضل العمال وأحسنهم سيرة ودينا (15)، وعند عزله انتفضت البحاترة ضد القائد الجديد فضول بن الحاج حمان الجرموني(16) سنة 1264هـ الموافقة لسنة 1847، وقد استنفر القائد فضول بني قومه الجرامنة وعدد آخر من شيعته و"غيرهم ممن في طاعته"(17)، فاجتمع له "بشر كثير" قاتل به ثوار البحاترة، ولمااستعصى

عليه إخماد الفتنة استنجد بالأمير سيدي محمد، خليفة السلطان بمراكش،" فتجهز له في جيشه"(18)، مع استنهاض عمال دكالة لدعم حركته، وعند وصول الخليفة إلى عبدة، استشفع بالشرفاء الغنيميين لرد العصاة إلى جادة الصواب وطاعة قائدهم، " فلم يفعلوا "(19)، فقاتلهم سيدي محمد، ولكنهم "قاوموا الجيش أشر مقاومة "(20)، ولم ينفعه إلا أن يباغثهم في يوم جمعة كانوا فيه غافلين، "إذ ظنوا أنه لا يحاربهم يوم الجمعة"(21)، فتعرضوا لهزيمة شنيعة، زادها بشاعة ما أقدم عليه الجيش الخليفي من أعمال سلب ونهب، استدعت تدخل القائد فضول، ليرحل الجيش إلى آسفي(22).

إن هذه الانتفاضة دامت حوالي خمسة أشهر، وأنها بمقاومتها الشرسة، استعصى إخمادها على القائد فضول، حتى أنه أصيب في إحدى المعارك برصاصة كسرت ذراعه(23)، وأن جيش الخليفة السلطاني ما كان لينجح في القضاء عليها لولا ركوبه حيلة المباغثة، وتشي بعض الشوارد، وهذا هو المهم أنه كان لأولاد زيد دور ما في حبك هذه الفتنة وتغذيتها، فالثوار كما تفصح بذلك المصادر كانوا يتمركزون بديار أولاد زيد، فقد "انحازوا للبحر شمال آسفي وتحصنوا بالكهوف"(24)، مما يفصح بأن أولاد زيد كانوا طرفا مهما في هذه الفتنة، وربما كان لهم اليد الطولى في زعامتها وقيادة معاركها، فجميع فصولها جرت بأرضهم، ولاشك انهم ربحوا معاركها الأولى، لمعرفتهم الدقيقة بميدانها، فهم أعرف من غيرهم بخبايا شعاب أرضهم ، وما يخفيه شواطئها من مغاور ومخابئ، ثم لأن أكثر ضرر الحرب نزل بهم، إذ تذكر المصادر أن الجيش الخليفي تقدم " إليهم (إلى الثوار) بالساحل واكتسح ما وجد من الأموال وقتل (قطع) رؤوس من ظفر بهم منهم"(25).

وكان من أهم نتائج ثورة البحاترة هاته إقدام الخليفة سيدي محمد على فصل قبيلة البحاترة عن قيادة فضول، وإسناد إدارتها إلى قائد من أبناءها، وهو أحمد بن عيسى الثمري سنة 1847، حتى يضمن انضباطها وطاعتها، وحتى يعمل من جهة ثانية على تكسير وتفكيك القيادات الكبرى"، حتى يسهل التحكم فيها عن طريق تكثيف الحضـور المخزني بها "(26)، سيما وأن الظروف الدولية المحيطة بالمغرب وقتئذ كانت تنذر بمزيد من الانحشارالأجنبي في شؤون المغرب ، واحتمال انفلات زمام الأمن والاستقرار، وقـد ربحت قبيلة البحاترة من هذه الوضعية الجديدة سكينة واستقرارا استمرا حتى انتفاضة أولاد زيد، وذلك لمدة قاربت نصف قرن ، بين سنتي 1847 و 1895، وهي فترة تعاقب فيها على قيادة البحاترة أحمد بن عيسى وابني أخيه محمد بن عمر وبعده شقيقه عيسى بن عمر.

وتؤرخ سنة 1895، التي شهدت ثورة أولاد زيد، لغدوة وفاة السلطان العظيم المولى الحسن الأول وتولية أصغر أبناءه المولى عبد العزيز عرش المغرب، مما أهاج عدة قبائل، وأشعل نار الفتنة والعصيان في مناطق متفرقة من المغرب، ففي جوار عبدة انتفضت قبائل الرحامنة ودكالة وأحمر، لتسري نار الفتنة بعد ذلك إلى عبدة، فثارت قبيلة الربيعة على قائدها الشافعي بن الحافظي، وكان يوجد يومها، مثل قواد آخرين بفاس، "فهدموا داره وهتكوا حريمه، وفعلوا الأفاعيل الشنيعة التي تستحيي منها الإنسانية "(27)، ولم تسلم مدينة آسفي من هذه الفورة، فقد أعلنت معارضتها لبيعة المولى عبد العزيز(28)، وأمام تدهورالأحوال السياسية والأمنية بالمغرب، رخص المخزن السلطاني للعمال والقواد الموجودين بفاس، بغرض أداء فروض البيعة للسلطان الجديد بالانصراف، والعودة إلى قبائلهم لإخماد فتنها، وكان ضمنهم القائد عيسى بن عمر، وفي طريقة إلى داره وإيالته تعرض له ثوار دكالة وصدوه ، فاضطر أن يعرج "على طريق البحر حتى دخل داره"(29)، وكان يتوقع أن يجد بها ما حل بدور غيره من القواد، من أعمال الهدم والنهب وهتك الأعراض ، لكنه لم يجد شيئا من ذلك(30)، ويظهر من خبرته أنه لم يستكن ويطمئن لهذا الوضع الهادئ المريب، وربما وقف عبر عيونه ومخابراته على أن خطر الفتنة كامن بقبيلته، وأنه يتحين الفرصة المواتية ليطل برأسه، فاهتدى بدهائه وحكمته إلى ركوب سياسة تجمع بين المرونة والاحتراس، كان من أهم مسلكياتها وإجراءاتها :

1- أن القائد عيسى أخذ يتودد إلى قبيلة البحاترة و يتملقها، " فبذل العطاء "(31)، وزاد على ذلك بأن "سرح المساجين وألان الكلمة وخفض الجناح "(32)، و"أظهر للقبيلة كل انعطاف ورضى"(33)، وفي مرجع آخر أنه أخذ يسمع ويتفهم شكاويـهم و" قال لهم احكموا أنفسكم بأنفسكم "(34).

2- أخذ يظهر المنة والعرفان لوجهاء قبيلته وإيالته و"جزى كبراءهم عن حسن استقامتهم خيرا "(35).

3- أخذ يحترس من غدر قبيلته ونهوضها ضده ، فصار « يقرب غير فرقته منه ، بل غير قبيلته ، من دكالة وأحمر، ويمدهم بالخيل والسلاح احتياطا "(36)، وفي الوقت نفسه، كان يباشر تجريد قبيلته البحاترة من الخيل واالسلاح، حتى يأمن غيلتها، ويبعد خطر الفتنة عن إيالته.(37)

فهذه الإجراءات في اعتقادنا تنم عن حكمة وتبصر وبعد نظر عند القائد عيسى بن عمر، وفي ذات الوقت تشي بمقدار الفزع والخوف اللذان كانا يتملكانه، ويمكن أن نخلص إلى القول أنها فعلت فعلها في قبيلة البحاترة ، ولكنها مع ذلك لم تحقق الهدف المبتغى منها كاملا، فقد تولدت عنها نتيجتان مختلفتان :

1- فهي من جهة أولى نجحت في أن تطأطئ الكثير من الرؤوس، التي كانت تتطلع بطريق أو بآخر إلى تفجير الفتنة، وأنها حفظت أكثر إيالته من الفوضى وعدم الاستقرار.

2- أنها من جهة ثانية لم تنجح في تليين فخدة أولاد زيد، وإخماد ما كان يغلي برأس سراتها من نزوع إلى التمرد، بل حملتها هذه الإجراءات على الاستهانة بعيسى بن عمر واستضعافه (38) ليزيد نفورها منه وكراهيتها له(39)، ووجدت فيها فرصة لا تعوض للثورة والانقضاض على قائدها، فتنادى أولاد زيد بالعصيان والتحرر، وزادهم حماسا قول شاعرتهم حويدة :

"أنا عبدة لعبدة

ولسي عيسى لا

نوضا نوضا حتى لبوكشور

نوضا نوضا حتى دار السي قدور(40)

ويظهر أن هذا الموقف النشز من أولاد زيد خلافا لبقية فخدات البحاترة، ينم عن تحد صارخ وعزم ثابت في الانتفاض ضد عيسى بن عمر وحربه بأي ثمن وكيفما كانت العواقب والتبعات، ويمكن أن نجد ما يبرر هذا الموقف في العوامل التالية :

1-أن أولاد زيد كانوا بلا شك يستشعرون بقوة غربتهم واختلافهم عن باقي فرق قبيلة البحاترة ومجموع عبدة، ولعلهم كانوا يستقوون بذلك ، مما كان يصيبهم بنوع من الانتشاء والاعتزاز والنخوة، وينفخ في نفوسهم الرغبة في الانفصال، والظفر بقيادة مستقلة تخصهم، ومن المحقق أن هذه الرغبة كانت مستحكمة فيهم متجذرة، بدليل أنها ظلت متقدة وحية وقوية حتى بعد إخماد ثورتهم وسحق رؤوسها، مما قاد سلطات الحماية إلى تحقيقها سنة 1913، بفصل أولاد زيد عن إيالة عيسى بن عمر، وضمها إلى فخدة الجحوش، وتأسيس إيالة مستقلة من الفخذتين الزيديتين، انتدب لإدارتها أحد أبناء أولاد زيد، وهو في الأصل أحد أعضاء قيادة ثورة 1895، وهو نجل زعيمها المدعو الزرهوني .

2- أن شيخ أولاد زيد محمد بن ملوك، زعيم الثورة، كان يتوق بتلهف إلى الحصول على منصب القايدية، مدعومـا بقومه، ولاشك أنه كان يرى في نفسه كل الشروط الموصلة إليها، وأهمها الغنى والوجاهة، واحترام وتقدير أولاد زيد له والتفافهم حوله ، وزاده تمسكا بمسعاه، أن أحد كاشفي الطالع تهجس له بقرب نيل مبتغاه،(41) فقد أذهله بفراسته، يوم طرق باب داره مناديا إياه "بالقايد الحاج محمد ملوك "(42)، ويبدو أن هذا الحلم ظل يراود أسرة محمد بن ملوك حتى بعد اعتقال هذا الأخير وموته في الحبس ، ليتحقق بعد حوالي عشرين سنة، بتعيين نجله الزرهوني- كما تقدم - قائدا على الساحل، ومن شدة فرحته بتحقيق حلم أسرته وعشيرته، أقام الأفراح والولائم مدة لم تقل عن ثلاثة أيام ، حضرها المآت من الوجهاء والأعيان(43).

3 - أن فخذة أولاد زيد كانت أكثر الفخذات تشكيا من فروض المخزن وتوظيفاته، بحكم فقر أراضيها الصخرية وكثرة سكانها، الأمر الذي كان يدفع بقسم من سكانها في سنوات المسغبة، إلى ترك ديارهم والفرار بعيدا وتدفع بآخرين إلى اقتراف أعمال اللصوصية والنهب بالطرق والأسواق، كما حصل سنة 1825، إذ أغار نفر من أولاد زيد على سوق "حد احرارة"، الذي يعقد بديارهم "ونهبوا لأهل آسفي ما بيدهم من السلع وجرحوا البعض"(44).

4- أن القائد عيسى بن عمر حين توجه إلى أولاد زيد لتجريدهم من سلاحهم وخيلهم، كما فعل مع باقي فخدات قبيلته، اعترضوا بمعية "رئيسهم الشيخ الحاج محمد بن ملوك، ورفضوا الرضوخ لذلك "(45)، ووجدوا في هذا الإجراء سببا مناسبا ومباشرا لقدح . شرارة ثورتهم، ونشر نارها وحريقها بمجموع إيالته

https://doukala.yoo7.com

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى