1 أطوار ثورة أولاد زيد ونتائجها الكبرى3 الجمعة يناير 01, 2010 10:54 am
admin
Admin
إلى ما طلب في 19 ربيع الثاني(80)، و"كتب لعمال دكالة بمكاثفته، والكون معه على الفساد يدا واحدة، و أوعز لباشا آسفي بتثقيف دور الذين بآسفي، وأمر أمناء مرسى الجديدة بتوجيه مكاحيل مارتيني ، خمسون مكحلة و قرطاسها عشرة آلاف، بثمن قدره 1300 ريال، إلى وقت اليسار"(81).
2- وفي هذا الوقت بلغ الضيق واليأس بالثوار مبلغا عظيما، فاشتد ضررهم بأهل آسفي، فقد" زادوا في الظلم والعدوان والفساد في الأرض"(82)، فاخذوا ينهبون الناس في واضحة النهار، و"يأتون بأموال الناس، فتباع برباط آسفي بأبخس الأثمان "(83)، وصاروا يبحثون عن شيعة عيسى بن عمر، " فيقبضون على كل من فيه رائحة العامل المذكور ويهددونه بالقتل...فإذا أعطاهم دراهم أطلقوه "(84)، فعم الخوف مدينة آسفي،" فانسدت الطرقات وانتشر الفساد، وحاصروا آسفي، وقطعوا عنه الواردات، حتى ضاق الأمر بأهل آسفي"(85)، فافتقد الزرع واللحم والحطب(86)، ولم يقبل الثوار محاولة أخرى لإبرام الصلح، وذبحوا الذبائح على الأبراج والمرسى وعلى العامل بنهيمة "طالبين الكتب(مكاتبة) للسلطان بأن يستعمل عليهم عاملا آخر عينوه غير القائد عيسى"(87).
3- وفي هذا الطور هاجم عيسى بن عمر تجمعا للثوار، فلجئوا إلى نواحي آسفي ، وتوزعوا على عدة مواقع بمرتفعات أشبار والسقالة والبساتين(88)، ثم نصبوا لجند القائد "خمسة عشـرمكمنا"(89) وقاوموه "أشد مقاومة"(90)، فقهروا جنده و" لم يحصل منهم على طائل"(91) فاضطر إلى تركهم(92)، لتزيد فتنتهم تأججا، ويأتي أمر سلطاني حاسم إلى عامل آسفي بضربهم(93)، وفي رواية أخرى، أن السلطان ذهب به الأمر إلى طلب قنبلة قبة الشيخ أبي محمد صالـح وهدمها على المحتمين بها من رؤوس الفتنة ، متعهدا بإعادة بنائها من ماله الخاص، مما أحدث رجة وبلبلة بين العلماء والوجهاء (94)، لما في الإقدام على مثل هذا العمل الجسور من عواقب لا يمكن التكهن بمدى تبعاتها على نفوس الناس ووجدانهم .
- الطور الرابع : يبتدئ من 18 جمادى الأولى إلى 20 منه موافق من 7 نونبر إلى 9 منه ، وفيه دارت الدائرة على ثوار أولاد زيد، بعد أن تمالئ عليهم القائد عيسى والعامل بنهيمة ، وأصلاهم جندهما بسعير نيران المدافع والبنادق من كل إتجاه، من خارج أسوار مدينة أسفي، ومن داخلها.
1- فيومها كاتب عامل أسفي السلطان، " يوضح له ما آل إليه أمر المدينة "(95) من الحصار والخصاص وانعدام الأمن، فأصدر إليه أمرا بشد عضد القائد عيسى، في سحق الثوار واستئصال فتنتهم، ليجري بينه وبين عيسى بن عمر ترتيب خطة عسكرية بهذا الخصوص، وتحديد توقيت بدئ المعركة الفاصلة ، وعشية يوم الحسم وزع العامل حمزة بنهيمة السلاح، بأن" فرق في أهل أسفي خمسمائة مكحلة ساسبو، فيمن يعرف من أهل النجدة والحزم"(96) ،وعلى" أهل الزقاق والحراس بالأسوار"(97) ،كما أخرج المدافع ونصبها على الأسوار، وتم كل هذا بكيفية سرية" لم يطلع عليها أكثر أهل أسفي فضلا عن غيرهم"(98).
2- وفي اليوم الموعود ، وكان يوم الخميس 18 جمادى الأولى(99)، وعند الشروق(100)، جاء القائد عيسى ومعه عمـال دكالة، وأعطيت إشارة بداية بدئ قتال الثوار من داخل أسوار أسفي ، من جند العامل بنهيمة، فتبعهم في ذلك القائد ومن معه(101)، مـن وراء مقبرة الرباط وجوارها (102)، ليشتد الضرب على الثوار بالرصاص وكور المدافع، الذي كان ينزل عليهم" كالمطر الغزير"(103)، في وقت كان فيه الحصار يحكم عليهم من كل جانب، "من وراء وأمام "(104) ، واستمر القتال متواصلا حتى "وقـت الظهر "(105)، ثم استؤنف في اليوم الموالي، وكان يوم جمعة، فأدى تواصل القتال إلى إلغاء صلاة الجمعة بالمسجد الأعظم ومسجد الرباط (106)، ثم تجدد القتال في صباح يوم السبت الموالي، فانهزم الثوار و"علقوا علم الغلبة "(107)، ولاذوا بالفرار إلى ضريح الشيخ أبي محمد صالح مع أهليهم المقيمين جوار الضريح(108)، وبتراب الصيني (109)، فسار القائد إلى "نوايلهم" و"حوانيتهم ومنازلهم"(110)، فأضرم فيها النيران و"كانت ستمائة مكان"(111).
- الطور الخامس: ويبتدئ من 20 جمادى الأولى إلى 23 منه موافق من 9 نونبر إلى 12 نونبر، وفيه كانت وقعة الرفسة الرهيبة.
1- بعد أن أيقن ثوار أولاد زيد بهزيمتهم، وفشل ثورتهم في بلوغ مرادها، استسلموا وتنادوا للصلح، فدعا حمزة بنهيـمة زعمائهم إلى عقد مجلس صلح "بالمخزن الكبير للتاجر…خورخي …الاصبنيولي بالرباط "(112)، وحضر اللقاء عامل أسفي" والأمناء والأعيان"(113)، والقائد عيسى و"معه أصحابه ومعهم القائد ابن علال والقائد الحاج مبارك بن بوشتة الدكاليان"(114)، وزمرة من زعماء الثوار، كان عددهم لا يقل عن إثني عشر نفرا .
2- وقصد العامل بنهيمة الاجتماع، وفي نيتة القبض على زعماء الثوار بأمر من السلطان و لذلك اصطحب معه "العسكر ومعهم إثني عشر قيدا "(115)، وبدوره حل القائد عيسى بمقر الاجتماع وفي نيته تصفية رؤؤس الفتنة وإعدامهم ، وأوصى بذلك مرفقيه من أصحابه ، "بمجرد المواجهة ، كل واحد منكم يضرب من قابله منهم"(116)؛ وهذا ما حدث بالفعل، وعجل بفض المجلس في حالة من الرعب والفوضى .
3- تختلف الروايات في تفصيل وقائع هذه الجلبة الدامية المروعة:
- فالفقيه الكانوني يذكر أنه بمجرد ما دخل عيسى بن عمر المجلس، قام زعماء أولاد زيد للسلام عليه، " فما كان من القائد إلا أن استل سيفه وضرب الذي جاء للسلام عليه، وهو السيد عبد الكريم بن العربي الزيدي(117)… وضرب كل واحد من أصحابه من قابلهم من أولاد زيد، فقتلوهم في لمحة البصر"(118)، والفقيه التريكي روى أن القائد عيسى بدخوله مكان الاجتماع، "لم يتمالك أن ترامى على ثلاثة منهم، قتلهم بنفسه ، وحض إخوانه على قتل باقي الرؤساء" (119).
- والفقيه الصبيحي ذكر أنهم "بينما هم مجتمعون...وخطب خطيب منهم بالصلح الذي ندب الله إليه، إذ اخترط السيد عيسى سيفه من وسطه ، وضرب به رأس الخطيب ، فقسمه قسمين ... وحينما رأى إخوانه ذلك عمد كل واحد منهم إلى واحد من زعماء أولاد زيد، الذين قابلوهم وقاتلوهم قتالا شديدا ، مع أنهم لم يكونوا مستعدين مثلهم"(120).
- وجاء عند أنطونة أن القائد عيسى حين دخل المجلس لم يكلم أحدا، وقصد أحد زعماء أولاد زيد هو ابن الشارفة، وشق رأسه بسيفه، ليعمد أصحابه إلى تصفية ما تبقى منهم (121).
ولئن اختلفت الروايات في تفصيلات هذا الحدث فإنها أجمعت على أن هذا الأمر الجلل ، لم يكن يخطر بحسبان أحد وأن القتل استحر في زعماء أولاد زيد " فسال الدم الكثير"(122)، وأصيب الحاضرون برعب شديد، لظنهم أن عيسى بن عمر"يريد الفتك الجميع"(123)، ومنهم عامل أسفي ومن معه من الأماء، فروا وهم "حفاة فزعين"(124)، وبفضل عونين تم رفع العامل بنهيمة داخل قفة إلى سقف المخزن(125)،
مكان الاجتماع، ومن ثم تسلل إلى المدينة "من أعلى السور"(126)، في حين تعقب القائد عيسى بمعية أصحابه ما بقى من زعماء أولاد زيد، وحتى المستحرمين منهم بضريح الشيخ أبي محمد صالح، دخلوا عليهم، و" قتلوا منهم في جانب الضريح"(127).
4- أما الجموع الغفيرة من السكان التي جاءت من داخل أسوار مدينة آسفي، مشدودة بالطابع الاحتفالي والفرجوي الذي أحاط بحدث اجتماع الصلح، فإنها احتشدت "في بطحاء الرباط"(128)، وبمجرد تسرب نبأ المذبحة، وشيوع أخبار "بأن عامل آسفي غدر به ومات"(129)، وأن القائد عيسى يريد شرا بأهل آسفي(130)، روع الناس وتسارعوا في سباق مجنون إلى "باب الرباط"، لدخول المدينة والاحتماء بأسوارها، لكن عامل آسفي، وخوفا من تسرب أصحاب عيسى بن عمر إلى المدينة، أمر بإقفال الباب المذكور (131)، في وقت كان فيه الرصاص والكور ينطلق من فوق الباب (132) والأسـوار، في اتجاه كل قروي، سواء داخل أزقة المدينة أو خارج أسوارها، ووقع ازدحام شديد على باب الرباط الموصد، "لم يعهد مثله قط"(133)، وصعد الناس بعضهم فوق بعض، "حتى كان الناس على أربع طبقات"(134)، فمات خلق كثير من الرفس والسحق والاختناق، "أقل ما قيل في عددهم مائة وسبعون رجلا"(135)، وكان وقت دوث هذه الرفسة "بالعشي مع غروب الشمس"(136)، فلم يِؤذن للصلاة، ولم تقم صلاة العشاءين بالمسجد الأعظم، وأغلقت المدينة بعد ذلك نحو أسبوع(137).
وفيما يلي ندرج كشف كرونولوجي بأحداث ثورة أولاد زيد :
1- من يوم 12 محرم 1313 /5 يوليوز 1895 إلى 22 من محرم/15 يوليوز :
1.1- اشتعال ثورة أولاد زيد ، وتحصن الثوار ببرج كاسين وأجراف و مغاور الساحل المجاور من أرض أولاد زيد.
1.2- طلب القائد عيسى بن عمر الثوار في إجراء صلح لكنهم رفضوا دعوته .
1.3- حصول أول مواجهة عسكرية بين القائد والثوار ، فكانت " الحرب بينهم سجالا "(138).
1.4- تشفع القائد بالشرفاء والصلحاء وبعدد من الأعيان لإجراء صلح مع الثوار، لكن الوسطاء قوبلوا جميعا بالرفض.
1.5- مهاجمة القائد لمعاقل الثوار وهزمهم وهدم
حصنهم كاسين عن آخره(139)، ونصب كمائن للمختفين منهم بالأجراف والكهوف .
1.6- لجوء عدد من رؤوس الثورة، وضمنهم قائدها محمد بن ملوك إلى أسفي، واستحرامهم بضريح الشيخ أبى محمد صالح .
1.7- تقديم أولاد زيد ثور، هدية لعامل أسفي حمزة بنهيمة ، حتى يأذن لهم بشراء السلاح من ميناء أسفي .
1.8- مباغثة القائد عيسى لتجمعات ثوار أولاد زيد بعدد من المواقع ببادية عبدة ، في فليفل ودار الربوح وأولاد شيكر وفرطميس والمكاديم والوكاكدة.
2-في يوم الثلاثاء 23 محرم /16 يوليوز.
2.1 – لجوء جموع كبيرة من ثوار أولاد زيد وأهليهم إلى ناحية آسفي.
2.2- وضع عامل آسفي الحرس على أسوار المدينة وأبراجها وأبوابها ، لمنع أولاد زيد من دخول المدينة .
2.3- مهاجمة عيسى بن عمر للثوار بناحية آسفي ونهب جنده لمتاع وماشية سكانها من أهل آسفي،"عدا مال الحاج عبد المالك الوزاني"(140).
3- في يوم الأربعاء 24 من محرم/ 17 يوليوز:
3.1- قصد القائد العسال السحيمي وأعيان من قبيلة أحمر ثوار أولاد زيد، طلبا للصلح مع قائدهم عيسى بن عمر،" فلم يقبلوا صلحا وصمموا على قتاله"(141).
3.2- طلب هؤلاء الوسطاء من الثوار الابتعاد عن ناحية آسفي ،"حيث أن نزولهم(بها) تسبب للآسفيـين في نهب أموالهم"(142).
4- من يوم الخميس 25 محرم /18 يوليوز إلى حوالي 6 صفر/ 28 يوليوز :
4.1- نزول الثوار بمكان بعيدا عن آسفي استجابة لرغبة سكانها .
4.2- انضمام"آل غياث وأولاد سليمان والمغاوير وأولاد الحسن وغيرهم"(143)، إلى ثوار أولاد زيد ومناصرتهم في حرب القائد عيسى بن عمر .
4.3- مهاجمة عيسى بن عمر للثوار وهزمهم في موقعين، وقتل بعض زعماءهم وانضمام أحدهم وهو الحاج مراح السلماني إلى صف القائد،" فكان من أعظم العوامل في هزيمتهم"(144).
4.4- لجوء الثوار مرة أخرى إلى ناحية آسفي .
4.5- وصول أمر سلطاني إلى عامل آسفي يدعوه إلى إجراء صلح بين الثوار والقائد عيسى بن عمر.
4.6- إجراء صلح بين زعماء الثوار مع نائب القائد عيسى بحضور عامل آسفي وقواد عبدة وأحمر وذلك بضريح الشيخ أبي محمد صالح.
5- من 5 ربيع الاول/26 غشت إلى 19 ربيع الثاني /8 اكتوبر :
5.1- خرق أولاد زيد لاتفاق الصلح بتدبير من أحد الثوار، وهو الحاج عبد القادر البوذيني مع ثمانية من أصحابه.
5.2- إرسال القائد عيسى رسالة إلى السلطان المولى عبد العزيز يطلب شراء أسلحة ودعما عسكريا من عمال دكالة .
5.3 استجابة السلطان لطلبات عيسى بن عمر ومده "بخمسمائة مكحلة وقرطاسها عشرة آلاف"(145)
6- من 19 ربيع الثاني /8 أكتوبر إلى 17 جمادى الأولى /6 نونبر
6.1 - مهاجمة عيسى للثوار بجوار أسوار مدينة آسفي، وقد تمكنوا من صده "فاقلع عنهم"(146).
6.2- زاد نهب الثوار للناس" فانسدت الطرقات وانتشر الفساد وقطعوا عنها الواردات حتى ضاق الأمر بأهلها"(147).
6.3 - تدخل قائد العربي بن الثمار لدى وطلبهم إلى الصلح ،" فلم يقبلوا منه كلاما"(148)
6.4- توسل الثوار لعامل آسفي بذبح الذبائح،حتى يساعدهم في مكاتبة السلطان وعزل عيسى بن عمر عن قيادتهم .
6.5 - وصول أمر سلطاني إلى عامل آسفي بالتأهب لحرب الثوار وسحق فتنتهم .
6.6 -الاتفاق بين القائد وعامل آسفي على موعد المعركة الفاصلة.
7- من يوم الخميس 18 جمادى الأولى / 7 نونبر
إلى يوم السبت 20 جمادى الأولى /9 نونبر.
7.1 - ضرب الثوار بتعاون بين القائد عيسى ومن معه من عمال دكالة وجندهم وبين عامل آسفي بنهيمة، وحصرهم بين نيران البنادق والمدافع من داخل أسوار مدينة آسفي وخارجها .
7.2 عقد مجلس صلح استدرج إليه اثني عشر من زعماء الثوار، وفيه تم إعدامهم جميعا من طرف عيسى بن عمر وأصحابه .
7.3 - حصول ذعر عام بين السكان ، الذين كانوا خارج أسوار المدينة منتظرين فرحة إجراء الصلح ، فتدافعوا بعدما علموا بخبر فتك القائد عيسى بزعماء الثوار، وحصلت زحمة شديدة على باب الرباط ، الذي أغلق بأمر من العامل بنهيمة، ومقتل أكثر من مائة وسبعين شخصا بسبب التدافع والرفس.
7.4 - إقفال أبواب مدينة آسفي مرتين "الأولى نحو اليومين وفي الثانية خمسة أيام"(149)؛وحصول خصاص شديد في الحبوب واللحوم والخضراوات والحطب مما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعارها.
وقد ترتب عن نجاح عيسى بن عمر في إخماد ثورة أولاد زيد نتائج كبرى منها: