1 لباس دكالة الأربعاء يونيو 20, 2012 5:42 am
samira
عضو نشيط
لباس دكالة
يقتصر لباس أهل دكالة في العادة على «الحايك» الصوفي، يلبسونه لوحده دون ثياب، وقد يجعلونه أحياناً من فوق قميص، لكنهم قليلاً ما يفعلون. والحايك الصوفي تقوم على حياكته النساء الدكاليات، وكذلك تُصنع منه الكثرة الكثيرة في أزمور وفي الجديدة. والسفن التي تتردد على مرسى الجديدة قد دأبت على التزود من هذه الألبسة في طرود وحزمات مخططة بالرمادي والأسود وتتوجه بها إلى السنغال وإلى مصر. وقد سبق للحسن الوزان أن ذكر في حديثه عن مدينة من مدن دكالة قد أطلنا في الحديث عنها، نقصد «المدينة»، أن «سكان هذه المدينة جهال يرتدون بعض الملابس الصوفية المصنوعة في عين المكان. تتحلى نساؤهم بكثير من حلي الفضة والعقيق الأحمر». فهذا الحديث نستفيد منه سمتين من أبرز السمات التي تدلنا منذ الوهلة الأولى على أهل دكالة؛ أقصد لبس الرجال للحايك والسحر والفتنة اللذين تتصف بهما نساؤهم. ولنعرض ههنا لبعض خصائص الحايك، وهو لباس واسع الانتشار في منطقة شمال إفريقيا، ومن المفيد أن نتناوله بالدراسة، لأنه بساطته تحمل على الاعتقاد أنه يعود بأصوله إلى العصور القديمة الغابرة، ولأنه قد ظل إلى وقتنا الحالي اللباس الأكثر أناقة عند المسلمين في بلدان المغرب. والحايك، حسبما نستفيد من حديث الحسن الوزان، عبارة عن قطعة من الكتان في غاية البساطة، وهي قطعة مستطيلة ومستطيلة وطويلة، لم يدخل فيها خيط ولا إبرة، يُلف بها الجسم ولا تشد من حوله برباط أو حزام. وليس من الخطل أن يذهب المرء إلى الاعتقاد بأن مثل هذا اللباس قد سبق وجوداً على اللباس المخيط. وعلى مل حال فإن لف الجسم في قطعة ثوب مستيطلة شيء يعود إلى العصور الغابرة. فبعض التماثيل التي تعود إلى أقدم العصور في بلاد المشرق تصور لنا البدو وهم يلبسون معطفاً مربعاً يلفون به أجسامهم ويبزر طرفه الأخير من تحت الذراع اليمنى ويتدلى من فوق الكتف اليسرى. وأما في الوقت الحالي فإن الحايك قد أصبح لباساً لسكان هم بطبيعة الحال من الممعنين في البداوة أو من هم في غاية الفقر. ولذلك فالاسم الشائع الذي يعرف به الحايك في المغرب، كما في سائر بلاد البربر، هو «الكسا». وهي كلمة تدل على اللباس بامتياز.
أصول الحايك
وكذلك تدل كلمة «الحايك» عامة على الثوب، ويؤخذ خاصة بالمعنى يهمنا في هذا الصدد. وأن تكون الكلمة الدالة على هذا اللباس الخاص في الحالتين لفظاً عاماً يؤخذ بمفهوم خاص أمر يدل في رأينا بوضوح على أن الحايك لباس كان يستعمل في القديم بمفرده. والحقيقة أن خلطاً كبيراً لا يزال يسود مصطلحية أسماء الألبسة من قبيل الحايك، والمقالات العلمية التي أفردها له دوزي لم تكد تسهم بشيء في تجلية هذا الأمر. وينبغي التمييز في أنواع الحايك بين : 1) الحايك الرجالي، وهو لباس من الصوف يرتديه الرجال لوحده، أو يكون عندهم هو اللباس الأساسي، وهو يُعرف باسم «الكسا» أكثر مما يعرف باسم «الحايك»، و2) الحايك الفوقي الذي يتخذ من الحرير، ويجعله الحضريون من فوق كل الملابس الأخرى، فهو يكون عندهم علامة على التأنق، وأكثر ما يعرف كذلك باسم «الكسا»، و3) «الإزار»، وهو قطعة من القماش تكون كذلك مستطيلة من غير خياطة، ويتخذ في العادة من الكتان أو من القطن، ويعتبر اللباس الذي تجتمع عليه سائر نساء القبائل في شمال إفريقيا، وهو يعرف كذلك باسم «الملحفة» و»تاملحفت»، خاصة عند كثير من القبائل الأمازيغية في الجزائر. غير أن كلمة «الملحفة» قد كانت تستعمل، بل إنها لا تزال تستعمل إلى اليوم، في بعض المناطق يراد بها الحايك الذي تخرج به النساء. والذي يبدو أن الإزار قد كان عند العرب القدامى أولاً لباساً للرجال. ثم أن هذا الاسم، كمثل سائر الأسماء الدالة على الألبسة غير المحيطة، يستعمل في معظم الأحيان لا يزيد عن الدلالة على «القطعة من القماش». و4) الحايك الذي ترتديه النساء، خاصة منهن المدينيات، لأجل الخروج، فيجعلنه فوق ملابسهن، وسنعود إليه بالحديث في ما يقبل من هذا الكتاب. وهذا اللباس نفسه يغلب في تسميته «الإزار»، وهو يتخذ من الصوف أو من الحرير أو من القطن. ومما يزيد هذا الأمر غموضاً أن هذه الكلمات قد وقع فيها الخلط جميعاً، بحيث يكاد يكون من المتعذر معرفة المترادفات بينها، وهي التي تتغاير حسب الأزمنة والأمكنة، بل وتتغاير حسب المؤلفين. ويتجه اهتمامنا ههنا إلى الحايك الرجالي، أو «الكسا»، الذي يتخذ لباساً وحيداً، كشأنه عند دكالة على سبيل التمثيل، أو يُجعل لباساً فوقياً، كشأنه عند سكان المدن.
يتبع