1 سيناء !لحن حزين الإثنين أبريل 12, 2010 2:11 am
محمد بن هلال
مشرف عام
فى إجازة عمل اصطحبت صديقا وحشرنا سيارتنا القديمة بتجهيزات رحلة فقيرة، بصل وسكر وشاى مع أربعين رغيفا وجركن ماء كبير، واتجهنا فى رحلة قاصدين زيارة أصدقاء لنا يعيشون فى صحراء التيه، أرض سيناء.
اتجهنا إلى نفق الشهيد أحمد حمدى تحت قناة السويس، كان علينا أن ندفع رسوما للعبور إلى أرض سيناء، وحين مددت يدى بالرسوم أعطيها للموظف المختص هاجت فى ذاكرتى حواجز تصنعها حكومات متتالية للفصل بين سيناء وبين بقية مناطق مصر، ففى عهود مضت لم يكن لمصرى أن يدخل سيناء دون موافقات تصدرها جهات أمنية، واليوم أصبح الأمر أكثر تعنتا نفسيا حين تفرض الحكومة رسوما للعبور إلى سيناء، تضغط بها على ذاكرتنا الجماعية بفواصل مقصودة تمزق بقاع الوطن الواحد.
بعد عبور النفق قطعنا حوالى مائة وخمسين كيلومتر على طريق إسفلتى حتى وصلنا إلى أصدقائنا فى مدينة ( نخل) عاصمة وسط صحراء سيناء، حيث يعيش حوالى خمسة آلاف نسمة من السكان بينهم موظفون قادمون من أنحاء مصر.
البدو من أهل وسط سيناء يعيشون حياة جافة غلبا، تنقصهم الكثير من الخدمات فى مجالات الصحة والتعليم والنشاط الاقتصادى، يحيط بهم فقر التجهيزات المادية والبشرية، وتلفهم وقائع الأمية والفقر والأمراض.
الأكثر غلبا من البدو هم الموظفون الحكوميون، حياتهم مأساة حقيقية، يعانون نقصا فى الماء والمواصلات والسكن ووسائل الترفيه، حياتهم صعبة لا تشفع فيها الزيادة النسبية فى مرتباتهم التى قد تصل إلى ثلاثة أمثال مرتبات زملائهم فى وادى النيل، ولا تسلم أسرهم من آثار سلبية لنظام عمل يقوم على بقاء الموظف بعيدا عن أهله معظم أيام الشهر، ثمانية عشر يوما متصلة مقابل اثنتى عشر يوما إجازة كل شهر، إنهم موظفون يقضون معظم حياتهم فى صحراء دون قدرة على تغيير المكان أو العلاقات الاجتماعية.
إن بقاء وسط سيناء على وضعها الحالى يصنع ظروفا موضوعية لانتشار الانحرافات بين السكان وبين موظفى الحكومة، بين الإنسان وبين البيئة، يصنع متطرفين عقائديا ومنحرفين فى نشاطهم الاقتصادى، يصنع مرضى معزولين مؤقتا فى سجن واسع الأرجاء.
سيناء أرض الفيروز والفحم والبترول والتيه، تحتاج إلى إمكانيات مادية وجهود علمية ليسكنها بشر أصحاء نفسيا وبدنيا واجتماعيا يصنعون تقدما حضاريا على أرض مصر، لا أن تبقى أرض تيه نعزف عليها لحن أسى، تتناثر على وجهها بؤر سياحية يستجم فيها كثير من محدثى النعمة وقليل من الصالحين.
اتجهنا إلى نفق الشهيد أحمد حمدى تحت قناة السويس، كان علينا أن ندفع رسوما للعبور إلى أرض سيناء، وحين مددت يدى بالرسوم أعطيها للموظف المختص هاجت فى ذاكرتى حواجز تصنعها حكومات متتالية للفصل بين سيناء وبين بقية مناطق مصر، ففى عهود مضت لم يكن لمصرى أن يدخل سيناء دون موافقات تصدرها جهات أمنية، واليوم أصبح الأمر أكثر تعنتا نفسيا حين تفرض الحكومة رسوما للعبور إلى سيناء، تضغط بها على ذاكرتنا الجماعية بفواصل مقصودة تمزق بقاع الوطن الواحد.
بعد عبور النفق قطعنا حوالى مائة وخمسين كيلومتر على طريق إسفلتى حتى وصلنا إلى أصدقائنا فى مدينة ( نخل) عاصمة وسط صحراء سيناء، حيث يعيش حوالى خمسة آلاف نسمة من السكان بينهم موظفون قادمون من أنحاء مصر.
البدو من أهل وسط سيناء يعيشون حياة جافة غلبا، تنقصهم الكثير من الخدمات فى مجالات الصحة والتعليم والنشاط الاقتصادى، يحيط بهم فقر التجهيزات المادية والبشرية، وتلفهم وقائع الأمية والفقر والأمراض.
الأكثر غلبا من البدو هم الموظفون الحكوميون، حياتهم مأساة حقيقية، يعانون نقصا فى الماء والمواصلات والسكن ووسائل الترفيه، حياتهم صعبة لا تشفع فيها الزيادة النسبية فى مرتباتهم التى قد تصل إلى ثلاثة أمثال مرتبات زملائهم فى وادى النيل، ولا تسلم أسرهم من آثار سلبية لنظام عمل يقوم على بقاء الموظف بعيدا عن أهله معظم أيام الشهر، ثمانية عشر يوما متصلة مقابل اثنتى عشر يوما إجازة كل شهر، إنهم موظفون يقضون معظم حياتهم فى صحراء دون قدرة على تغيير المكان أو العلاقات الاجتماعية.
إن بقاء وسط سيناء على وضعها الحالى يصنع ظروفا موضوعية لانتشار الانحرافات بين السكان وبين موظفى الحكومة، بين الإنسان وبين البيئة، يصنع متطرفين عقائديا ومنحرفين فى نشاطهم الاقتصادى، يصنع مرضى معزولين مؤقتا فى سجن واسع الأرجاء.
سيناء أرض الفيروز والفحم والبترول والتيه، تحتاج إلى إمكانيات مادية وجهود علمية ليسكنها بشر أصحاء نفسيا وبدنيا واجتماعيا يصنعون تقدما حضاريا على أرض مصر، لا أن تبقى أرض تيه نعزف عليها لحن أسى، تتناثر على وجهها بؤر سياحية يستجم فيها كثير من محدثى النعمة وقليل من الصالحين.