1 مدن مغربية منسية 2 الثلاثاء يناير 12, 2010 11:55 am
admin
Admin
الحلقة الثانية
مدينة تكوليت حاضرة رباط أكوز
كثيرة هي المدن المندثرة التي تشير إليها كتب التاريخ، وتذكر أسماءها تقاييد الرحالة و الجغرافيين القدامى في المنطقة الساحلية، الممتدة من الجديدة إلى ما بعد أسفي، وتحديدا عند منطقة الصويرة القديمة، المعروفة بالصويرية. منها المدن المطمورة تحت التراب، و منها المغمورة بمياه المحيط، أو التي ما تزال بعض بقياها متلبسة بأبنية مستحدثة. هناك تيط، تيغالين، أيير، قنط، أكوز، تدنست، مرامر، أديكيس، سرنو، المدينة الغربية وتاكوليت. هذه الأخيرة التي يجهل الآن موقعها الحقيقي، إلا أن جل المصادر التي ذكرتها، تربطها بمنطقة الصويرية أو بالقرب منها. وقد سجل الدكتوران محمد حجي و محمد الأخضر مترجما ومحققا كتاب وصف إفريقيا للحسن بن الوزان في الهامش المتعلق بهذه المدينة، أن موقع تاكوليت يبقى مجهولا و أن أكوز هي الصويرة القديمة على الضفة الغربية لوادي تانسيفت غير بعيد عن المصب. بداية نستحضر ما ورد عند الحسن بن الوزان عن هذه المدينة في كتابه وصف إفريقيا العائد إلى بديات القرن السادس عشر حيث يسجل أن مدينة تكوليت: "تقع على منحدر جبل، و فيها نحو ألف كانون. وهي على بعد 18 ميلا من تدنست إلى جهة الغرب. يجري بالقرب منها نهر صغير تقوم على ضفتيه بساتين وحدائق عامرة بالفواكه. وللمدينة عدة آبار ماؤها صاف زلال، وجامع في غاية الحسن، وأربعة ملاجئ للفقراء، وزاوية للأتقياء. وسكان هذه المدينة أغنى من سكان تدنست، لأن مدينتهم مجاورة لمرسى على البحر المحيط يسمى كوز. وتباع بتكوليت كمية كبيرة من الحبوب، لوقوعها بجوار سهل فسيح، كما فيها كثير من الشمع للتجار البرتغاليين. لذلك يرتدي الناس في هذه المدينة أجمل الملابس و يمتطون الخيول المسرجة بأحسن السروج. وفي الوقت الذي ذهبت فيه إلى هذه البلاد كان بتكوليت أحد الأعيان كرئيس لمجلسها، يتولى تدبير جميع شؤونها من توزيع الضرائب التي تؤدى للأعراب، وعقد معاهدات السلم والوفاء بالعقود المبرمة بينهم وبين أهل المدينة. وكان يملك ثروة طائلة ينفقها لاكتساب رضا الجميع ومحبتهم، يتصدق كثيرا ويعين الشعب بهباته فيما يحتاج إليه، بحيث أنه لم يكن هناك أحد إلا وهو يحبه كأبيه. ووجدت عنده كتبا تاريخية عديدة وحوليات تتعلق بإفريقيا فقرأتها. وقتل المسكين أخيرا في الحرب ضد البرتغاليين عام 923 من تاريخنا (الهجري) الموافق للسنة المسيحية 1514 ـ لعل الصواب عام 920 إذ هي الموافقة لعام 1514م سيما وقد كان المؤلف عام 923هـ/1517/ في مصر ـ في حين أسرت طائفة من السكان، وفرت طائفة، وقتلت طائفة أخرى....". عن نفس المدينة وخلال نفس الفترة الزمنية وبزيادة في المعلومات سجل مارمول كاربخال في كتابه "إفريقيا": أسس هذه المدينة رجال من مصمودة، وهي تضم أكثر من ألف وخمسمائة ساكن. وتقع على منحدر جبل، لها ميناء صغير قريب جدا، وقصر عتيق يسمى أكوز حيث يوجد مصب الديور ـ ويقصد به نهر تانسيفت ـ الذي يجعله بطليموس على سبع درجات وعشرين دقيقة طولا، وإحدى وثلاثين درجة وأربعين دقيقة عرضا. ليست المدينة محصنة، والأسوار إنما هي من تراب وقد أحدث فيها الزمان ثلمات عديدة. والدور مبنية بنفس الكيفية ودون أي تنسيق. وهناك بعض المباني القديمة المشيدة بالحجر والجير، ومسجد كبير في غاية الجمال من الخارج ومن الداخل، يجتمع فيه معظم الشعب. خرب هذه المدينة عبد المومن الموحدي وبقيت زمنا طويلا خالية. وفي عام ألف وخمسمائة وأربعة عشر، نهبها نونيو فيرنانديس مع يحيى بن تعفوفت، وأرسل إلى البرتغال عددا كبيرا من الرقيق ذكورا وإناثا. ثم عمرها الشرفاء من جديد بعد ذلك، وردوا إليها السكان الذين كانوا هربوا إلى الجبال، وقوما آخرين من شتى الأماكن، ويمر قربها نهر يحمل نفس الاسم، و يصب في البحر قرب قصر أكوز وضفتاه مكسوتان بالبساتين والحدائق حيث تكثر أشجار الجوز، والتين و الخوخ، والكروم ذات العنب الغليظ الذي قشره في غاية الدقة وطعمه بالغ الجودة. وتوجد في المدينة آبار ماؤها معين بارد ممتاز جدا لدرجة أنهم يفضلونه على ماء النهر. يعامل السكان الغرباء معاملة جد حسنة، وهم أغنى من سكان تدنست، لآن البلاد أفضل، وفيها سهول خصبة جدا أسفل المدينة. ويوجد عدد كثير من خلايا النجل على طول منحدر الجبل، يستخرجون منها كمية وافرة من الشمع يبيعونه للتجار أوربا. وفي أحد جوانب المدينة بيعة لليهود يحيط بها أزيد من مائتي دار للتجار والصناع. وهم أغنى من يهود تدنست ويعاملون أحسن منهم. وقلعة المدينة عبارة عن برج عتيق ملتصق بالسور في المكان العلى حيث يشرف على المدينة كلها"• ويسجل الفقيه الكانوني في كتابه أسفي وما إليه عن الصويرية التي يسميها الصويرة التي على وادي تانسيفت أن: "موقعها جنوب أسفي على مصب وادي تانسيفت من العدوة الشمالية تبعد عن أسفي ب 38 كيلومتر وهي إحدى المراكز البرتغالية وسورها لا يزال محفوظا خاليا من السكان وكان مرساها يعرف قديما بأكوز قال أبو عبيد البكري في المسالك: رباط فوز على البحر المحيط وفيه تنزل السفن من جميع البلاد ولا تخرج إلا في زمان الأمطار وتكدر الهواء واغبرار الجو فحينئذ تصدف لهم الرياح البرية فإن تمادى ذلك سلموا وإن أضحى الجو وصفا الهواء هبت عليهم الرياح من الغرب فيهيج عليهم البحر ويقذفهم في البراري فقل ما يسلمون...".
مدينة تكوليت حاضرة رباط أكوز
كثيرة هي المدن المندثرة التي تشير إليها كتب التاريخ، وتذكر أسماءها تقاييد الرحالة و الجغرافيين القدامى في المنطقة الساحلية، الممتدة من الجديدة إلى ما بعد أسفي، وتحديدا عند منطقة الصويرة القديمة، المعروفة بالصويرية. منها المدن المطمورة تحت التراب، و منها المغمورة بمياه المحيط، أو التي ما تزال بعض بقياها متلبسة بأبنية مستحدثة. هناك تيط، تيغالين، أيير، قنط، أكوز، تدنست، مرامر، أديكيس، سرنو، المدينة الغربية وتاكوليت. هذه الأخيرة التي يجهل الآن موقعها الحقيقي، إلا أن جل المصادر التي ذكرتها، تربطها بمنطقة الصويرية أو بالقرب منها. وقد سجل الدكتوران محمد حجي و محمد الأخضر مترجما ومحققا كتاب وصف إفريقيا للحسن بن الوزان في الهامش المتعلق بهذه المدينة، أن موقع تاكوليت يبقى مجهولا و أن أكوز هي الصويرة القديمة على الضفة الغربية لوادي تانسيفت غير بعيد عن المصب. بداية نستحضر ما ورد عند الحسن بن الوزان عن هذه المدينة في كتابه وصف إفريقيا العائد إلى بديات القرن السادس عشر حيث يسجل أن مدينة تكوليت: "تقع على منحدر جبل، و فيها نحو ألف كانون. وهي على بعد 18 ميلا من تدنست إلى جهة الغرب. يجري بالقرب منها نهر صغير تقوم على ضفتيه بساتين وحدائق عامرة بالفواكه. وللمدينة عدة آبار ماؤها صاف زلال، وجامع في غاية الحسن، وأربعة ملاجئ للفقراء، وزاوية للأتقياء. وسكان هذه المدينة أغنى من سكان تدنست، لأن مدينتهم مجاورة لمرسى على البحر المحيط يسمى كوز. وتباع بتكوليت كمية كبيرة من الحبوب، لوقوعها بجوار سهل فسيح، كما فيها كثير من الشمع للتجار البرتغاليين. لذلك يرتدي الناس في هذه المدينة أجمل الملابس و يمتطون الخيول المسرجة بأحسن السروج. وفي الوقت الذي ذهبت فيه إلى هذه البلاد كان بتكوليت أحد الأعيان كرئيس لمجلسها، يتولى تدبير جميع شؤونها من توزيع الضرائب التي تؤدى للأعراب، وعقد معاهدات السلم والوفاء بالعقود المبرمة بينهم وبين أهل المدينة. وكان يملك ثروة طائلة ينفقها لاكتساب رضا الجميع ومحبتهم، يتصدق كثيرا ويعين الشعب بهباته فيما يحتاج إليه، بحيث أنه لم يكن هناك أحد إلا وهو يحبه كأبيه. ووجدت عنده كتبا تاريخية عديدة وحوليات تتعلق بإفريقيا فقرأتها. وقتل المسكين أخيرا في الحرب ضد البرتغاليين عام 923 من تاريخنا (الهجري) الموافق للسنة المسيحية 1514 ـ لعل الصواب عام 920 إذ هي الموافقة لعام 1514م سيما وقد كان المؤلف عام 923هـ/1517/ في مصر ـ في حين أسرت طائفة من السكان، وفرت طائفة، وقتلت طائفة أخرى....". عن نفس المدينة وخلال نفس الفترة الزمنية وبزيادة في المعلومات سجل مارمول كاربخال في كتابه "إفريقيا": أسس هذه المدينة رجال من مصمودة، وهي تضم أكثر من ألف وخمسمائة ساكن. وتقع على منحدر جبل، لها ميناء صغير قريب جدا، وقصر عتيق يسمى أكوز حيث يوجد مصب الديور ـ ويقصد به نهر تانسيفت ـ الذي يجعله بطليموس على سبع درجات وعشرين دقيقة طولا، وإحدى وثلاثين درجة وأربعين دقيقة عرضا. ليست المدينة محصنة، والأسوار إنما هي من تراب وقد أحدث فيها الزمان ثلمات عديدة. والدور مبنية بنفس الكيفية ودون أي تنسيق. وهناك بعض المباني القديمة المشيدة بالحجر والجير، ومسجد كبير في غاية الجمال من الخارج ومن الداخل، يجتمع فيه معظم الشعب. خرب هذه المدينة عبد المومن الموحدي وبقيت زمنا طويلا خالية. وفي عام ألف وخمسمائة وأربعة عشر، نهبها نونيو فيرنانديس مع يحيى بن تعفوفت، وأرسل إلى البرتغال عددا كبيرا من الرقيق ذكورا وإناثا. ثم عمرها الشرفاء من جديد بعد ذلك، وردوا إليها السكان الذين كانوا هربوا إلى الجبال، وقوما آخرين من شتى الأماكن، ويمر قربها نهر يحمل نفس الاسم، و يصب في البحر قرب قصر أكوز وضفتاه مكسوتان بالبساتين والحدائق حيث تكثر أشجار الجوز، والتين و الخوخ، والكروم ذات العنب الغليظ الذي قشره في غاية الدقة وطعمه بالغ الجودة. وتوجد في المدينة آبار ماؤها معين بارد ممتاز جدا لدرجة أنهم يفضلونه على ماء النهر. يعامل السكان الغرباء معاملة جد حسنة، وهم أغنى من سكان تدنست، لآن البلاد أفضل، وفيها سهول خصبة جدا أسفل المدينة. ويوجد عدد كثير من خلايا النجل على طول منحدر الجبل، يستخرجون منها كمية وافرة من الشمع يبيعونه للتجار أوربا. وفي أحد جوانب المدينة بيعة لليهود يحيط بها أزيد من مائتي دار للتجار والصناع. وهم أغنى من يهود تدنست ويعاملون أحسن منهم. وقلعة المدينة عبارة عن برج عتيق ملتصق بالسور في المكان العلى حيث يشرف على المدينة كلها"• ويسجل الفقيه الكانوني في كتابه أسفي وما إليه عن الصويرية التي يسميها الصويرة التي على وادي تانسيفت أن: "موقعها جنوب أسفي على مصب وادي تانسيفت من العدوة الشمالية تبعد عن أسفي ب 38 كيلومتر وهي إحدى المراكز البرتغالية وسورها لا يزال محفوظا خاليا من السكان وكان مرساها يعرف قديما بأكوز قال أبو عبيد البكري في المسالك: رباط فوز على البحر المحيط وفيه تنزل السفن من جميع البلاد ولا تخرج إلا في زمان الأمطار وتكدر الهواء واغبرار الجو فحينئذ تصدف لهم الرياح البرية فإن تمادى ذلك سلموا وإن أضحى الجو وصفا الهواء هبت عليهم الرياح من الغرب فيهيج عليهم البحر ويقذفهم في البراري فقل ما يسلمون...".