1 بوحمارة المتمرد الذي انتحل صفة ابن الحسن الأول وأعلن نفسه سلطانا للمغرب الجمعة يوليو 30, 2010 11:30 pm
ahmed
عضو فعال
المساء
هناك معارك وثورات مشهورة في التاريخ السياسي للمغرب، بعضها يعرفه أغلب المغاربة، ولكن معظم تلك المعارك وخلفياتها و حيثياتها تخفى على الكثيرين ابتداء من الحرب التي قادها القائد
الأمازيغي يوغرطة ضد روما، مرورا بحروب وثورات وقعت في العصور الوسطى، وانتهاء بمعارك العصر الحديث. ومن خلال هذه الرحلة عبر عدد من المعارك والثورات، تتوخى «المساء» أن تلقي الضوء على تلك المعارك والثورات، شخصياتها، وقائعها، وبالأخص تأثيرها على المسار السياسي للمغرب.
تعد ثورة الجيلالي الزرهوني الروكي المعروف بـ«بوحمارة» من أكبر الثورات التي شهدها تاريخ المغرب الحديث. ولد هذا الثائر عام 1860م بمدينة زرهون قرب مكناس، ولهذا السبب يحمل اسم الزرهوني. أما عن تسميته بـ«بوحمارة»، فلأنه لم يكن يشاهد إلا على ظهر أتانه الرمادية.
كان «بوحمارة» في بداية مسيرته المهنية موظفا في القصر السلطاني في مراكش، يشغل منصب سكرتير لمولاي عمر، شقيق السلطان مولاي عبد العزيز. بعد بضع سنوات من عمله هذا، استطاع الجيلالي الزرهوني أن يكتسب الكثير من الخبرة في مجال كتابة الوثائق وتوقيع العقود، وهو ما جعله يقدم – كما يشاع عنه – على مغامرة غير محسوبة العواقب حينما قام بتزوير وثائق رسمية، وحصل على مبالغ مـــــــالية كبيرة، فتم إبعاده فـــــــورا عن القصر السلطاني بتهمة التآمر على السلطان.
ويحكي الباحث لويس أرنو في كتابه المترجم «زمن المحلات السلطانية: الجيش المغربي وأحداث قبائل المغرب ما بين 1860 و1912 م» (ترجمة محمد ناجي بن عمر- أفريقيا الشرق)، أن السبب الذي أدى إلى ثورة «بوحمارة» هو أن أجنبيا كان قد دخل ضريح المولى إدريس بفاس، فقام شخص بقتله. ويروي لويس الحوار الذي دار بين المولى عبد العزيز والقاتل:
«المولى عبد العزيز: ماذا فعلت بهذا المسيحي ولم قتلته؟. الرجل: لقد دخل يا سيدنا إلى ضريح مولاي إدريس. المولى عبد العزيز: لكن إن مولاي إدريس هو من ناداه وأدخله بالقرب منه. وأنت تجهل هذا؟ فماذا كنت تفعل أنت هناك؟. الرجل: كنت أقوم بالزيارة. فأجابه السلطان: والمسيحي أيضا كان يقوم بالزيارة. ثم إن ولينا باستطاعته أن يبارك الناس أينما كانوا. والآن، أجبني من فضلك من أمرك بقتله؟ فطأطأ الرجل رأسه ثم قال: لا أحد. فعلت هذا لوحدي. المولى عبد العزيز: لكن لماذا قتلته؟ فأجاب الرجل: لأنه مسيحي غريب ليس من حقه تدنيس الزاوية. فرد عليه السلطان قائلا: آه يا ابن الحمار الذي لا يعرف شيئا أو لا تعلم أن المسلمين والمسيحيين واليهود كلهم إخوة، رغم اختلاف دياناتهم؟ ثم إنه لقتل إنسان ما لا بد أن يكون هناك سبب ما، أما أنا فلحد الآن لا أرى أي سبب لذلك. فرد الرجل: سيدنا. إن مولاي إدريس هو الذي قال لي أن أقتله. فقال السلطان: آه. جيد. إن مولاي إدريس هو الذي قال لي الآن أن أقتلك أنت». وبالفعل تم قتل الرجل واتخذ «بوحمارة» من موت الرجل سببا لإشعال نار التمرد ضد السلطان، وتمكن من جمع الناس حوله، خاصة أنه انتحل صفة الأمير مولاي امحمد ولد المولى الحسن الأول، كما خدعهم ببركته وسحره وكراماته. وكان أغلب أتباعه من قبيلة غياثة. وتمكن في وقت وجيز من أن يعلن نفسه سلطانا للمغرب.
تمكن «بوحمارة» أن يلحق بالجيش السلطاني هزيمة عام 1902، أي بعد سنة واحدة من بدء تمرده على المخزن المغربي. وبالتالي بدأ خطره على السلطة يكبر ونفوذه يزداد اتساعا، وأصبح المخزن يحسب له ألف حساب، والدليل على ذلك عدد الحملات العسكرية التي قادها ضد هذا الثائر. لكنه لم يتمكن من القضاء عليه إلا في عهد السلطان المولى عبد الحفيظ، الذي تولى الملك بعد عزل أخيه المولى عبد العزيز. قام المولى عبد الحفيظ، بحملة عسكرية ضد المتمرد «بوحمارة»، الذي اضطر بعد أن بدأت تتخلى عنه القبائل بعد انكشاف حقيقته، إلى الاحتماء بالزاوية الدرقاوية، اعتقادا منه أنها مكان آمن، لكن الجيش المغربي قام بقصفها وتمكن من القبض على «بوحمارة» رفقة 400 من أتباعه وتم اقتياد الجميع إلى العاصمة العلمية فاس حيث قتل الجميع، بمن فيهم «السلطان» الثائر. وكان هذا الأمر يوم ثاني دجنبر 1909م.