1 الشرفاء وآل البيت بالمغرب الأربعاء يوليو 07, 2010 5:23 am
admin
Admin
الســـــــــــــــلام عليكــــــم ورحمة الله تعـــــالــى وبــركــــــــاته
كان أول قادم على المغرب، من ذرية الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، هو المولى إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك بإجماع المؤلفين الذين كتبوا عن تاريخ المغرب بعد ظهور الإسلام. وقد كان وصول مولاي إدريس إلى إفريقيا عبر البحر الأحمر بعد وقعة فخ التي جرت يوم ثامن ذي الحجة 169 (10 يونيو 786). ومن طنجة التي نزل بها، بادئ الأمر وجه نداءه التاريخي إلى المغاربة، ولم يلبث أن تلقى البيعة يوم الجمعة رابع رمضان سنة 172 (6 فبراير 789) حيث أنشأ مملكةً بالمغرب مستقلةً عن الخلافة العباسية ببغداد. ويتأكد أن حركة الإمام مولاي إدريس التي امتدت إلى تلمسان وتجاوزته إلى مفاتحة والي مصر للانضمام إلى آل البيت، يتأكد ان تلك الحركة أغضبت العباسيين ببغداد! ولأن المسافة بعيدة كان يصعب معها إرسال الجيش لمقاومة حركة مولاي إدريس، فقد بعثوا بمن احتال عليه وقام باغتياله! وقد حسبوا أن الأمر انتهى، لكن الدولة استمرت بجهود ابنه مولاي إدريس الثاني الذي أنشأ له سنة 192 (808 م) عاصمة تحمل اسم فاس بعد أن وفدت عليه حشود من الأندلس وإفريقية بل ومن العراق وفارس ممن تعرضوا للاضطهاد والقمع والظلم في تلك الجهات(1). ومن هنا نُعتت فاس بأنها ملاذ الخائفين، فقد أصبحت فعلاً كعبة القاصدين ولا سيما من الأشراف، أو السادة كما يسمونهم بالمشرق، بمن تشملهم كلمة الأشراف أو الشرفاء من أُسر عديدة فيها الحسنيون وفيها الحسينيون. وهكذا وجدنا أن هناك خمس فصائل أساسية : الأولى : الأدارسة بمن فيهم الجوطيون بجميع فِرَقهم، ومن فيهم من غير الجوطيين وهم كثير كثر. الثانية : المحمديون وهم العلويون الواردون من ينبع والذين يوجدون اليوم ومنذ أكثر من خمسة قرون على رأس الحكم بالمغرب. الثالثة : الموسويون ويندرج فيهم القادريون. الرابعة : العريضيون، ويشملون الأشراف الحُسينين من صقليين وبني عمهم. الخامسة : الكاظميون وهم الأشراف المنعوتون بالعراقيين. ومن الملاحظ أن الأشراف بالمغرب وخاصة منهم الأدارسة الأوائل تعرضوا لمحنة كبرى أواخر الدولة الإدريسية بسبب تصميمهم على أن يحتفظوا باستقلال بلادهم ضد أطماع الأمويين بالأندلس فيهم وضد أطماع بعض الزعماء المحليين الذين كانوا يعملون لحساب جهات خارج المغرب. ظلوا ولفترة قرن كامل يقاومون ويناضلون. وقد مرت بهم فترة من الفتراتِ الحاكمةِ كانوا يضطرون فيها للهجرة إلى الصحاري والجبال، بل يضطرون إلى تغيير أنسابهم وأسمائهم حتى يفلتوا من القتل والسفك، وما بطش موسى ابن أبى العافية بغائب عن أسماع كل المغاربة بل وعن المهتمين بتاريخ الغرب الإسلامي كله ! والجدير بالذكر في هذا المقام أن المؤرخين المغاربة اهتموا جميعهم بأمر الأنساب، ولذلك نجد العشرات من التآليف التي تنصب على معالجة هذا الموضوع، نجد أنهم جميعهم وهم يتحدثون عن تاريخ بناء فاس مثلاً لابد وأن يستحضروا مؤسس المدينة، ويذكرون نسبه وذريته، كما نجدهم أي المغاربة، وهم يتصاهرون بعضهم مع بعض، يحرصون على ذكر شجرة الشريف منهم في صلب عقد الصداق بحيث نجد أن الزوج الذي ينتسب للدوحة الشريفة يحرص على ذكر والده وجده إلى أن يصل إلى الإمام علي وزوجته السيدة فاطمة الزهراء، وهكذا كان الأمر بالنسبة للزوجة الشريفة التي تحرص على أن يذكر أسلافها واحداً واحداً إلى سيدنا علي كرم الله وجهه وسيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها. ولم يكن غريباً علينا أن السلطان المريني أبا الحسن علي بن السلطان أبي سعيد عثمان بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق، واسطة عقد الدولة المرينية وأحد سلاطينها الأجلاء ـ المتوفى بجبل هنتاته جنوب المغرب يوم 27 ربيع الأول 752 (1352) ـ أن نجد هذا السلطان يقوم بعملية جرد لجميع الشرفاء القرباء والبعداء، ويبعث بقاضي الحضرة الفاسية العالم الأكبر، السفير الأجل أبا سالم إبراهيم بن أبي زيد عبد الرحمن بن أبي يحيى التازي، يبعث به لسائر أطراف البلاد مميزاً لأعيانهم ومختبراً لأنسابهم إلى أن أتم جرداً لأمير المؤمنين يستوعب سائر الأنساب والأحساب... وقد اقتدى السلطان أبو سالم بن أبي الحسن بوالده فقام بدوره بتفقد الأشراف وجمع شملهم وتعهدهم بالصلات، بل وجعل عليهم نقيباً يحمي حقوقهم ويرعى منزلهم، وكان هذا النقيب هو أبو عبد الله بن محمد بن محمد بن عمران بن عبد الواحد بن احمد بن علي بن يحيى(2) . والحقيقة أن الملوك المغاربة اقتدوا في هذا الصنيع بما هو معروف عند العلامة الماوردي المتوفي سنة (450 هـ 1058) في تأليفه «الأحكام السلطانية والولايات الدينية» (3) الذي خصص الباب الثامن من كتابه للحديث عن إنشاء النقابة على ذوي الأنساب. لقد كان الماوردي صريحاً في تمييز أهل البيت عن غيرهم لدرجة انه أفاد أنه إذا تنازع احد من آل أبي طالب مع احد ينتمي إلى غيرهم من العباسيين مثلاً فإنه لا تجب على احد منهما الإجابة لحكم غير حكم نقيبه، إلى آخر ما جاء في الباب من فقه جدير بالعودة إليه. والمهم بالنسبة إليّ في هذا الموضوع أن أبرز المركز الاجتماعي لأهل البيت من خلال الأحداث التي عاشها المغرب ويعيشها عبر تاريخه الطويل العريض. وأشير إلى ارتباط الأسر المغربية الشريفة بأصولها التي توجد بالمشرق، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تضافر جهود النسابة في كل جهات العالم الإسلامي بل وغير العالم الإسلامي من اجل المزيد من الضبط والتحري والحزم. وإذا ساغ لنا أن نقارن بين ما صدر في الديار المشرقية من تأليف عبر المحاولات التي ظهرت لحد الآن من اجل ضبط فضائل أبناء الرسول(4) فإننا سنباغت بوفرة المراجع المغربية التي تناولت أحياناً كل فصيلة على حدة وأحيانا على ما يتفرع عن تلك الفصيلة، وأحيانا أخرى على الأسرة الواحدة تسكن في حي من أحياء المدينة أو قرية من القرى أو مدينة من المدن... ومن الطريف أن نجد في هذه المصادر والمراجع ما دون بالنظم كذلك على نحو ما نقرأه عند الشيخ أبي زيد عبد الرحمن الفاسي في موسوعته الشعرية المعروفة تحت اسم «الاقتوم في مبادئ العلوم» حيث نراه يخصص جانباً مهماً من هذا التأليف للحديث عن (علم أنساب الشرفاء بالمغرب)، كما يخصص باباً على حدة للأشراف الأدارسة الجوطيين. وحتى يكون عملنا دقيقاً، نرى من المفيد ان نستعرض بعض التآليف المتخصصة حول الأنساب في المغرب مما يعتبر مرجعاً أساسيا حول الموضوع. ويتعلق الأمر بمخطوطة (الأشراف على بعض من حل بفاس من مشاهير الأشراف) الذي ألفه عالم متخصص هو القاضي الطالب ابن الحاج الذي كان يمتاز بتعدد أصدقائه ومعارفه وتنوع مراجعه ومصادره (5). والمهم في مقدمة الكتاب أنها تستوعب ذكر عدد من النقول التي تعزز المعلومات التي اعتمد عليها المؤلف بما فيها التآليف السابقة واللاحقة. وهكذا يتبين من خلال مقدمة التأليف المذكور فيما يتصل بأبناء سيدنا الحسن والحسين أن مرجعهم إلى اثني عشر سبطاً : ستة من سيدنا الحسن وستة من سيدنا الحسين، فالحسنيون : واحد منهم من الحسن بن زيد بن الحسن السبط، وخمسة من الحسن المثنى، وهم عبد الله الكامل، وإبراهيم، والحسن المثلث، وجعفر، وداوود. والحسينيون كلهم من أبناء علي زين العابدين بن الحسين (بالياء) السبط، وهم محمد الباقر، وعبد الله، وزيد الشهيد، وعلي والحسين (بالياء) وعمر. وممن أوسع الكلام من حفاظ النسب حول الأسباط الإثني عشر تاج الدين ابن معين الحسني في كتابه (هداية الطالب في نسب آل أبي طالب)، وشهاب الدين بن عنبة الحسني في كتابه (عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب) والسمرقندي الحسني في كتابه (تحقّق الطالب فيمن ينسب إلى عبد الله وأبي طالب) والازورقاني الحسني في كتابه (بحر الأنساب فيما للسبطين من الأعقاب...) وعلي الشامي في تأليفه (مبادرة الاسعاف بنظم أجداد بعض الأشراف) وسليمان الحوات في تأليفه (أثمد العُيُون في شرفاء أهل العيون) والسّجلماسي في كتابه (الابريز في مناقب الشيخ عبد العزيز). وقد تبين أن مرجعهم إلى ست فصائل :
الفصيلة الأولى : الأدارسة، بنو الإمام مولاي إدريس سالف الذكر، ويأتي في صدر الأدارسة الفريق يحمل نعت الجوطيين (نسبة إلى جوطة) قرية عظيمة كانت على نهر سبو حيث توجد اليوم بلاد اولاد عمران كانت ميناءً هاماً يتوفر على دار لبناء السفن، كان يربط المنطقة بأعالي البحار عبر النهر المذكور، أدركها الخراب وتحيفها النهر على حد تعبير المؤرخين . كان أول من نزل بجوطة يحيى بن القاسم الملقب بالعدّام لكثر ما يقوم به أثناء الجهاد من إعدامات لخصوم الإسلام ومرجع هؤلاء إلى خمس فرق: * الفرقة الأولى : الطاهريون، نسبة إلى جدهم أبي الجمال طاهر . وقد تعددت النقابة في هذه الفرقة بفاس منذ قدومهم عليها من مكناس في النصف الثاني من القرن التاسع. * الفرقة الثانية : الشبيهيون، نسبة إلى جدهم السيد احمد الشبيه، ودعي الشبيه لأنه كان يشبه جده صلى الله عليه وسلم. وبيت هؤلاء الشرفاء بمكناسة وزرهون وهم ولاة ضريح الإمام مولاي إدريس الأكبرإلى الآن. * الفرقة الثالثة : العمرانيون، وينسبون إلى جدهم عمران، وهؤلاء الأشراف من كبار الأعيان وأهل النباهة والشأن، كانت فيهم النقابة، وهذه الفرقة بفاس ذات فرعين : * أحدهما : الذين استمرت لهم الشهرة بهذه النسبة العمرانية إلى الآن. * وثانيهما : شرفاء دار القيطون والنسبة إلى جدهم أبي العلاء إدريس سادس الأبناء من عمران عنوان شهرتهم، الذي كان يسكن دار القيطون التي توجد إلى الآن بحرم الضريح الإدريسي. * الفرقة الرابعة : الطالبيون، نسبة إلى جدهم أبي طالب سادس الأبناء من أبي عبد الله محمد الجد التاسع للفروع الجوطية كلها، وهو أبو طالب بن سليمان ابن محمد بن قاسم بن العباس ابن محمد المذكور. وهذه الفرقة من اهل الشرف الباذخ والشيم الطاهرة أصحاب الحسب الأصيل والمنصب الجليل ... أصحاب التواضع الذي يفوق تواضع سائر من رأينا من الأشراف... كانوا، قبل العمرانيين والطاهريين ولاةً لضريح جدهم المولى إدريس قاطنين بدار القيطون. وبعد خروجهم منها نزلوا بعدوة الأندلس بدرب السعود المعروف إلى اليوم بهذا الاسم وكان الذي أخرجهم من دار القيطون عاهل بني مرين عندما سَعى في ذلك العلامة ابن مرزوق الذي تزوج بنت الشريف العمراني(6). واسم جدهم الذين تفرعوا عنه أبو عبد الله محمد عاشر الأبناء من أبي طالب احمد بن أبي طالب بن احمد بن أبي طالب بن احمد بن أبي طالب بن محمد ابن أبي طالب المذكور، فالتسمية بأبي طالب تكررت في عمودهم بعد جدهم سليمان. * الفرقة الخامسة : الفرجيون، نسبة إلى جدهم أبي الفرج، ثالث الأبناء من أبي محمد عبد الواحد الذين يجتمعون فيه مع الشبيهيين وخامس الأبناء من أبي محمد عبد الواحد الذين يجتمعون فيه مع الطاهريين، وثامن الأبناء من أبي عبد الله محمد الجامع للفروع الجوطية كلها. وهو أبو الفرج بن إدريس بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن عبد الواحد المجاهد... وقد توزعوا فمنهم من يقيم بمكناس ومنهم من يقيم بفاس، وهم ثلاثة فروع : الفرع الأول الغالبيون نسبة إلى جدهم أبي غالب. والفرع الثاني الفرجيون من مكناسة الزيتون. والفرع الثالث من الفرجيين الطالبيون نسبة إلى جدهم أبي طالب ثالث الأبناء من أبي الفرج. وجميع هؤلاء ومن انحدر منهم يحملون نعت الجوطيين نسبة الى جدهم. وقد بقي من هذه الفصيلة الأولى من غير الجوطيين عدد كبير من الأشراف ممن حملوا في التاريخ أسماءً أخرى تميزهم، نعوتاً لحرف اشتهروا بها، أو لمواقع جغرافية عرفوا فيها أو لأحداث مرت بهم فالتصقت بهم، ونذكر من هؤلاء السادة الشرفاء المدعويين بالدباغيين. وهم أصلا من شرفاء آيت عتاب من ناحية تادلة لناحية الدِلاء، من بني الأمير عيسى بن إدريس، المولى من قبل أخيه محمد على شالة وسلا وأزمور وتامسنا وما وإلى ذلك(7). وقد سكن الدباغيون بغرناطة على نحو ما كان بعض بني إدريس، سكنوها اختياراً، أو اضطراراً أيام الأحداث السياسية... ثم انتقلوا إلى سلا ثم إلى حومة العيون من فاس، سموا هكذا لأنهم كانوا يأخذون خراج دار الدبغ سلا، بأمر السلطان احمد بن سالم المريني. ومن الشرفاء المدعوون بالكتانيين المعروفين بشرفاء عقبة بن صوال، وهم من بني الأمير محمد بن إدريس الخليفة بالمغرب بعد اغتيال والده، ولما تغلب موسى بن أبي العافية المكناسي على فاس وقتل الأدارسة أربعمائة بحومة وادي الشرفاء من عدوة فاس القرويين فرَّ من فلت منهم من القتل كما أشرنا قبل إلى جهات عديدة من المغرب في الجبال والصحاري!! وقد كان فيمن فر من فاس أبو زكرياء يحيى بن عمرن بن عبد الجليل بن يحيى بن الأمير محمد بن الإمام إدريس ... ويحيى بن عمران أول من دعي بالكتاني ... ولعل ذلك لظهور الخيمة من الكتان أيام إمارة بعض أسلافه، ولم يكن الخباء قبل إلا من الشعر والصوف. وهم فروع أربعة : بنو أبي الحسن علي، وبنو حامد العربي، وبنو إدريس، وبنو عبد العزيز. ومن الشرفاء المدعوون بالشفشاونيين : وهم من الأدارسة العَلَميين من بني محمد بن إدريس، ثم من بني موسى بن مشيش أخو قطب المغرب أبي محمد المولى عبد السلام بن مشيش. ونسب هؤلاء إلى جبل العَلََم (بفتح العين واللام)، الجبل المعروف شمال المغرب على مقربة من مدينة تِطّاون (تطوان)، التجأ إليه الشرفاء بعد المحن التي عاشوها أواسط المائة الرابعة فعوضهم الله عن الخلافة الملوكية بالخلافة القُطبانية على حد تعبير بعض مترجميهم. وينتسب الشفشاونيون إلى مدينة شفشاون التي كانت قاعدة نضال ضد الطامعين في البلاد وقد اختطها بعض شرفاء بني راشد من بني القطب المولى عبد السلام بن مشيش بقصد تحصين المسلمين من الكفرة بعد عدوان هؤلاء بعد أن احتلوا سبته!! وقد كان أول قادم لها منهم أبو العباس احمد الابن الحادي عشر من أبي بكر الذي يجتمع عنده الشرفاء كلهم... ومن الشرفاء، المدعوون أيضاً بالشقوريين، وهم من الأدارسة العَلَميين الموسويين من بني موسى بن مشيش بن أبي بكر الجد الجامع لهم، وهم كثيرون. ويبدو أن التسمية آتية من أن لهم سلفاً أشقر. على نحو ما يقال في المنتسبين لبيت شقرون. ومن مشاهير الأشراف العَلَميين الموسويين أولاد كرمون من بني جبارة. -وأولاد الحراق من قبيلة سريف. ـ وأولاد العشارى والبكوري والتملالي. ـ وأولاد ابن عبد الله بو منديل. ـ وأولاد السيد الحسن المقيمون بالسلاليم. ـ وأولاد الحوات، لقب جدهم بذلك لأنه كان يصطاد الحوت بثغر ترغة من بلاد غمارة. ومنهم الشيخ الشهير سليمان الحوات. ـ ومن الشرفاء المشهورين المدعوون بالوزانيين وهم من الأدارسة العَلَميين من بني سيدي يملح اخ المولى عبد السلام بن مشيش بن ابي بكر، ثم من بني القطب أبي محمد المولى عبد الله الشريف نزيل مدينة وزان من قبيلة مصمودة المتوفى سنة 1809. ومن مشاهير الشرفاء اليَملَحيين المعروفين بغير فاس، أولاد حمدان بجبل الحبيب، وأولاد ابن الصغير وأولاد المؤذن، وأولاد اللحياني (لأنه عظيم اللحية) وأولاد الأشهب، وأولاد القاضي وأولاد حماد وأولاد الشاعر وأولاد الجبّاري. والوزانيون المستقرون بفاس يوزعون إلى خمسة فروع : الفرع الأول بنو السيد أبي العباس احمد الشاهد. والفرع الثاني بنو السيد أبي الحسن علي. والفرع الثالث بنو السيد أبي عبد الله محمد الطاهر. والفرع الرابع بنو السيد الحسني، ومن ذرية هؤلاء شيخنا المَدَني بن الحسني بمدينة الرباط. والفرع الخامس بنو السيد محمد بن الطيب. ولهم آصرة مع اليملحيين سالفي الذكر. ومن الشرفاء اولاد المجيّح. وهم الأدارسة العَلَمِيين من بني سيدي علال ابن المولى عبد السلام بن مشيش. ودعي بالمجيّح لجيحانه في الأرض بين السوَّى والاقبال على المولى، على حد تعبيرالشيخ الطالب بن الحاج في مخطوطته الأشراف موضوع الحديث. وقد توزع قِسم من هذه الطائفة على مختلف جهات المغرب وعرف تحت أسماء مختلفة. ومن الأشراف الأدارسة أولاد بن حليمة، وأولاد الهراح، وأولاد السرغيني، أولاد الطالب، أولاد الحويك، وأولاد ابن الطريبق، وأولاد أفيلال، واولاد الشنتوف والقموريون المدعوون بفاس بالقصريين، والقموريون جمع قمور: طائر معروف لقب بهم جدهم. ـ ومن الشرفاء أولاد اخريف وأولاد معلى وهم كذلك من الأدارسة العلميين من بني أبي الحسن علي بن أبي بكر أحد أعمام المولى عبد السلام بن مشيش. ـ ومنهم أولاد ابن ريسون نسبة إلى والدة جدهم السيدة ريسون التي نشأ في أحضانها الحفيد وأولاد بن رحمون، وأصله عبد الرحمن الذي تكرر في عمود نسبهم مراراً، وقد غيرته العامة على عادتها إلى رحمون(9).
الفصيلة الثانية : المُحمَّديون، وهم بنو الإمام محمد ذو النفس الزكية ابن عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ومنهم شرفاء سجلماسة الذين قدموا على سجلماسة من ينبع النخل، من مدشر يعرف ببني ابراهيم، وينبع النخل، كما نعلم اليوم، غير بعيد عن ينبع البحر التي تقع على البحر الأحمر، غير بعيد عن المدينة المنورة. كان النبي صلى الله عليه وسلم اقطعه للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وسكنه بعض بنيه من بعده، منهم بنو عياش الذين ينحدر منهم أشراف سجلماسة، وعُرفوا بهذا الإسم لأنهم كانوا يُعيِشّون الناس في شدة المحل، وكان الناس عليهم عالةً ما بين ظاعن ومقيم. وكان أول وارد منهم على سجلماسة الحَسَن بن القاسم. كان وروده على فاس أواسط القرن السابع الهجري بداية عهد دولة بني مرين، وذلك في أعقاب أحداث شهدتها المنطقة اضطرت الشرفاء إلى أن يلتجئوا إلى حيث التجأ أجدادهم من ذي قبل! وقد خلف الحسن القادم ولداً واحداً يحمل اسم محمد الذي خلف الحسن سمي جده، وخلف الحسن هذا ولدين : أحدهما عبد الرحمن، وثانيهما المولى الشريف ومن هذا تكاثرت فروعهم. ومن الجدير بالذكر أن الشريف هذا هو الأب التاسع للملك محمد السادس الجالس على كرسي الحكم اليوم... ويعد من الأشراف المحمديين الإسماعليون، والمرانيون، والبلغيثيون وأولاد مولاي الطاهر، والمدغريون وأولاد شاكر وبنو موسى وشرفاء صوصو... والفضيليون وأولاد بنصر.
الفصيلة الثالثة : الموسويون، وهؤلاء هم بنو موسى الجون بن عبد الله الكامل. ومن هؤلاء، فرقة الأشراف القادريين نسبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني دفين بغداد، ويوصف موسى الوالد بجنكي دوست، ومعناه بلغة العجم العظيم القدر. ومن الموسويون كذلك فرقة المومنانيين.
الفصيلة الرابعة : العُرَيضيون، نسبة إلى علي العُرَيضي القائم بالبصرة ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن سيدنا الحُسين (بالياء) السبط والعريضي نسبة للعُريَض : قرية على أربعة أميال من المدينة المنورة. وهؤلاء منهم الصقليون، وهؤلاء فرقتان : بنو عبد الله، وبنو أبي القاسم.
الفصيلة الخامسة : الكاظِميون، وهؤلاء هم بنو موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ومن هؤلاء الكاظميين الشرفاء العراقيون، وهم من مشاهير الأشراف. وهؤلاء الأشراف العراقيون من بني إبراهيم بن موسى الكاظم أخو علي الرضا، الملقب بالمُجاب لإجابة الناس دعوته، وقد يلقب أيضاً بالجزّار لكثر ما أريق من الدم في اليمن أيام ولايته... وقد تحدث ابن بطوطة أثناء الكلام على نقباء الأشراف بالعراق ذاكرا : الشريف الفاضل أبو عبد الله محمد الهادي بن أبي القاسم بن نفيس الحسيني الكربلائي الشهير في المغرب بالعراقي. وبعد فهذا مجمل لتاريخ الأسر الشريفة الموجودة في المملكة المغربية، ويجب علىّ أن أقول بهذه المناسبة أن عدد العائلات التي تحمل هذه الصفة تفوق الحصر، ذلك أن تعاقب الأزمان وهجرة الناس من مكان إلى مكان غيَّر معالم الأسماء في كثير من الأحيان فقد نجد أسراً عربيةً ناشئةً بين أسر أمازيغية (ومنهم أجدادي حينما نزحوا إلى الأطلس)، وقد نجد أسراً أمازيغية معروفة نشأت بين أسر عربية. وبهذا نفسر حرص المواطنين المغاربة على توثيق أنسابهم وتشهيرها، ولم يكن غريباً علينا أن نجد عشرات الكتب والمقيدات التي تهتم بأمر الأنساب عبر الأزمان على ما أسلفنا. والمطلوب منا اليوم أن نعمل على جرد أسماء هذه الأسر بعضها إلى بعض، ليس فقط على صعيد بلاد المغرب، ولكن كذلك على صعيد العالم الإسلامي كله... ونعتقد أن هذا العمل ليس بالأمر الصعب ما دمنا نعرف أن هناك منظمات دولية الآن تعمل في هذا الاتجاه جاهدةً لإعداد سجلات لإعلام الأشخاص اعتقاداً منها أن ذلك مما يساعد على معرفة تاريخ الإنسانية جميعها ولعلنا نأخذ من اليوم طريقنا لإنجاز هذا المشروع الإسلامي الكبير. والله المعين.
آل البيت في المغرب د. عبد الهادي التازي
المصدر http://mou9awama.blogspot.com/
كان أول قادم على المغرب، من ذرية الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، هو المولى إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك بإجماع المؤلفين الذين كتبوا عن تاريخ المغرب بعد ظهور الإسلام. وقد كان وصول مولاي إدريس إلى إفريقيا عبر البحر الأحمر بعد وقعة فخ التي جرت يوم ثامن ذي الحجة 169 (10 يونيو 786). ومن طنجة التي نزل بها، بادئ الأمر وجه نداءه التاريخي إلى المغاربة، ولم يلبث أن تلقى البيعة يوم الجمعة رابع رمضان سنة 172 (6 فبراير 789) حيث أنشأ مملكةً بالمغرب مستقلةً عن الخلافة العباسية ببغداد. ويتأكد أن حركة الإمام مولاي إدريس التي امتدت إلى تلمسان وتجاوزته إلى مفاتحة والي مصر للانضمام إلى آل البيت، يتأكد ان تلك الحركة أغضبت العباسيين ببغداد! ولأن المسافة بعيدة كان يصعب معها إرسال الجيش لمقاومة حركة مولاي إدريس، فقد بعثوا بمن احتال عليه وقام باغتياله! وقد حسبوا أن الأمر انتهى، لكن الدولة استمرت بجهود ابنه مولاي إدريس الثاني الذي أنشأ له سنة 192 (808 م) عاصمة تحمل اسم فاس بعد أن وفدت عليه حشود من الأندلس وإفريقية بل ومن العراق وفارس ممن تعرضوا للاضطهاد والقمع والظلم في تلك الجهات(1). ومن هنا نُعتت فاس بأنها ملاذ الخائفين، فقد أصبحت فعلاً كعبة القاصدين ولا سيما من الأشراف، أو السادة كما يسمونهم بالمشرق، بمن تشملهم كلمة الأشراف أو الشرفاء من أُسر عديدة فيها الحسنيون وفيها الحسينيون. وهكذا وجدنا أن هناك خمس فصائل أساسية : الأولى : الأدارسة بمن فيهم الجوطيون بجميع فِرَقهم، ومن فيهم من غير الجوطيين وهم كثير كثر. الثانية : المحمديون وهم العلويون الواردون من ينبع والذين يوجدون اليوم ومنذ أكثر من خمسة قرون على رأس الحكم بالمغرب. الثالثة : الموسويون ويندرج فيهم القادريون. الرابعة : العريضيون، ويشملون الأشراف الحُسينين من صقليين وبني عمهم. الخامسة : الكاظميون وهم الأشراف المنعوتون بالعراقيين. ومن الملاحظ أن الأشراف بالمغرب وخاصة منهم الأدارسة الأوائل تعرضوا لمحنة كبرى أواخر الدولة الإدريسية بسبب تصميمهم على أن يحتفظوا باستقلال بلادهم ضد أطماع الأمويين بالأندلس فيهم وضد أطماع بعض الزعماء المحليين الذين كانوا يعملون لحساب جهات خارج المغرب. ظلوا ولفترة قرن كامل يقاومون ويناضلون. وقد مرت بهم فترة من الفتراتِ الحاكمةِ كانوا يضطرون فيها للهجرة إلى الصحاري والجبال، بل يضطرون إلى تغيير أنسابهم وأسمائهم حتى يفلتوا من القتل والسفك، وما بطش موسى ابن أبى العافية بغائب عن أسماع كل المغاربة بل وعن المهتمين بتاريخ الغرب الإسلامي كله ! والجدير بالذكر في هذا المقام أن المؤرخين المغاربة اهتموا جميعهم بأمر الأنساب، ولذلك نجد العشرات من التآليف التي تنصب على معالجة هذا الموضوع، نجد أنهم جميعهم وهم يتحدثون عن تاريخ بناء فاس مثلاً لابد وأن يستحضروا مؤسس المدينة، ويذكرون نسبه وذريته، كما نجدهم أي المغاربة، وهم يتصاهرون بعضهم مع بعض، يحرصون على ذكر شجرة الشريف منهم في صلب عقد الصداق بحيث نجد أن الزوج الذي ينتسب للدوحة الشريفة يحرص على ذكر والده وجده إلى أن يصل إلى الإمام علي وزوجته السيدة فاطمة الزهراء، وهكذا كان الأمر بالنسبة للزوجة الشريفة التي تحرص على أن يذكر أسلافها واحداً واحداً إلى سيدنا علي كرم الله وجهه وسيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها. ولم يكن غريباً علينا أن السلطان المريني أبا الحسن علي بن السلطان أبي سعيد عثمان بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق، واسطة عقد الدولة المرينية وأحد سلاطينها الأجلاء ـ المتوفى بجبل هنتاته جنوب المغرب يوم 27 ربيع الأول 752 (1352) ـ أن نجد هذا السلطان يقوم بعملية جرد لجميع الشرفاء القرباء والبعداء، ويبعث بقاضي الحضرة الفاسية العالم الأكبر، السفير الأجل أبا سالم إبراهيم بن أبي زيد عبد الرحمن بن أبي يحيى التازي، يبعث به لسائر أطراف البلاد مميزاً لأعيانهم ومختبراً لأنسابهم إلى أن أتم جرداً لأمير المؤمنين يستوعب سائر الأنساب والأحساب... وقد اقتدى السلطان أبو سالم بن أبي الحسن بوالده فقام بدوره بتفقد الأشراف وجمع شملهم وتعهدهم بالصلات، بل وجعل عليهم نقيباً يحمي حقوقهم ويرعى منزلهم، وكان هذا النقيب هو أبو عبد الله بن محمد بن محمد بن عمران بن عبد الواحد بن احمد بن علي بن يحيى(2) . والحقيقة أن الملوك المغاربة اقتدوا في هذا الصنيع بما هو معروف عند العلامة الماوردي المتوفي سنة (450 هـ 1058) في تأليفه «الأحكام السلطانية والولايات الدينية» (3) الذي خصص الباب الثامن من كتابه للحديث عن إنشاء النقابة على ذوي الأنساب. لقد كان الماوردي صريحاً في تمييز أهل البيت عن غيرهم لدرجة انه أفاد أنه إذا تنازع احد من آل أبي طالب مع احد ينتمي إلى غيرهم من العباسيين مثلاً فإنه لا تجب على احد منهما الإجابة لحكم غير حكم نقيبه، إلى آخر ما جاء في الباب من فقه جدير بالعودة إليه. والمهم بالنسبة إليّ في هذا الموضوع أن أبرز المركز الاجتماعي لأهل البيت من خلال الأحداث التي عاشها المغرب ويعيشها عبر تاريخه الطويل العريض. وأشير إلى ارتباط الأسر المغربية الشريفة بأصولها التي توجد بالمشرق، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تضافر جهود النسابة في كل جهات العالم الإسلامي بل وغير العالم الإسلامي من اجل المزيد من الضبط والتحري والحزم. وإذا ساغ لنا أن نقارن بين ما صدر في الديار المشرقية من تأليف عبر المحاولات التي ظهرت لحد الآن من اجل ضبط فضائل أبناء الرسول(4) فإننا سنباغت بوفرة المراجع المغربية التي تناولت أحياناً كل فصيلة على حدة وأحيانا على ما يتفرع عن تلك الفصيلة، وأحيانا أخرى على الأسرة الواحدة تسكن في حي من أحياء المدينة أو قرية من القرى أو مدينة من المدن... ومن الطريف أن نجد في هذه المصادر والمراجع ما دون بالنظم كذلك على نحو ما نقرأه عند الشيخ أبي زيد عبد الرحمن الفاسي في موسوعته الشعرية المعروفة تحت اسم «الاقتوم في مبادئ العلوم» حيث نراه يخصص جانباً مهماً من هذا التأليف للحديث عن (علم أنساب الشرفاء بالمغرب)، كما يخصص باباً على حدة للأشراف الأدارسة الجوطيين. وحتى يكون عملنا دقيقاً، نرى من المفيد ان نستعرض بعض التآليف المتخصصة حول الأنساب في المغرب مما يعتبر مرجعاً أساسيا حول الموضوع. ويتعلق الأمر بمخطوطة (الأشراف على بعض من حل بفاس من مشاهير الأشراف) الذي ألفه عالم متخصص هو القاضي الطالب ابن الحاج الذي كان يمتاز بتعدد أصدقائه ومعارفه وتنوع مراجعه ومصادره (5). والمهم في مقدمة الكتاب أنها تستوعب ذكر عدد من النقول التي تعزز المعلومات التي اعتمد عليها المؤلف بما فيها التآليف السابقة واللاحقة. وهكذا يتبين من خلال مقدمة التأليف المذكور فيما يتصل بأبناء سيدنا الحسن والحسين أن مرجعهم إلى اثني عشر سبطاً : ستة من سيدنا الحسن وستة من سيدنا الحسين، فالحسنيون : واحد منهم من الحسن بن زيد بن الحسن السبط، وخمسة من الحسن المثنى، وهم عبد الله الكامل، وإبراهيم، والحسن المثلث، وجعفر، وداوود. والحسينيون كلهم من أبناء علي زين العابدين بن الحسين (بالياء) السبط، وهم محمد الباقر، وعبد الله، وزيد الشهيد، وعلي والحسين (بالياء) وعمر. وممن أوسع الكلام من حفاظ النسب حول الأسباط الإثني عشر تاج الدين ابن معين الحسني في كتابه (هداية الطالب في نسب آل أبي طالب)، وشهاب الدين بن عنبة الحسني في كتابه (عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب) والسمرقندي الحسني في كتابه (تحقّق الطالب فيمن ينسب إلى عبد الله وأبي طالب) والازورقاني الحسني في كتابه (بحر الأنساب فيما للسبطين من الأعقاب...) وعلي الشامي في تأليفه (مبادرة الاسعاف بنظم أجداد بعض الأشراف) وسليمان الحوات في تأليفه (أثمد العُيُون في شرفاء أهل العيون) والسّجلماسي في كتابه (الابريز في مناقب الشيخ عبد العزيز). وقد تبين أن مرجعهم إلى ست فصائل :
الفصيلة الأولى : الأدارسة، بنو الإمام مولاي إدريس سالف الذكر، ويأتي في صدر الأدارسة الفريق يحمل نعت الجوطيين (نسبة إلى جوطة) قرية عظيمة كانت على نهر سبو حيث توجد اليوم بلاد اولاد عمران كانت ميناءً هاماً يتوفر على دار لبناء السفن، كان يربط المنطقة بأعالي البحار عبر النهر المذكور، أدركها الخراب وتحيفها النهر على حد تعبير المؤرخين . كان أول من نزل بجوطة يحيى بن القاسم الملقب بالعدّام لكثر ما يقوم به أثناء الجهاد من إعدامات لخصوم الإسلام ومرجع هؤلاء إلى خمس فرق: * الفرقة الأولى : الطاهريون، نسبة إلى جدهم أبي الجمال طاهر . وقد تعددت النقابة في هذه الفرقة بفاس منذ قدومهم عليها من مكناس في النصف الثاني من القرن التاسع. * الفرقة الثانية : الشبيهيون، نسبة إلى جدهم السيد احمد الشبيه، ودعي الشبيه لأنه كان يشبه جده صلى الله عليه وسلم. وبيت هؤلاء الشرفاء بمكناسة وزرهون وهم ولاة ضريح الإمام مولاي إدريس الأكبرإلى الآن. * الفرقة الثالثة : العمرانيون، وينسبون إلى جدهم عمران، وهؤلاء الأشراف من كبار الأعيان وأهل النباهة والشأن، كانت فيهم النقابة، وهذه الفرقة بفاس ذات فرعين : * أحدهما : الذين استمرت لهم الشهرة بهذه النسبة العمرانية إلى الآن. * وثانيهما : شرفاء دار القيطون والنسبة إلى جدهم أبي العلاء إدريس سادس الأبناء من عمران عنوان شهرتهم، الذي كان يسكن دار القيطون التي توجد إلى الآن بحرم الضريح الإدريسي. * الفرقة الرابعة : الطالبيون، نسبة إلى جدهم أبي طالب سادس الأبناء من أبي عبد الله محمد الجد التاسع للفروع الجوطية كلها، وهو أبو طالب بن سليمان ابن محمد بن قاسم بن العباس ابن محمد المذكور. وهذه الفرقة من اهل الشرف الباذخ والشيم الطاهرة أصحاب الحسب الأصيل والمنصب الجليل ... أصحاب التواضع الذي يفوق تواضع سائر من رأينا من الأشراف... كانوا، قبل العمرانيين والطاهريين ولاةً لضريح جدهم المولى إدريس قاطنين بدار القيطون. وبعد خروجهم منها نزلوا بعدوة الأندلس بدرب السعود المعروف إلى اليوم بهذا الاسم وكان الذي أخرجهم من دار القيطون عاهل بني مرين عندما سَعى في ذلك العلامة ابن مرزوق الذي تزوج بنت الشريف العمراني(6). واسم جدهم الذين تفرعوا عنه أبو عبد الله محمد عاشر الأبناء من أبي طالب احمد بن أبي طالب بن احمد بن أبي طالب بن احمد بن أبي طالب بن محمد ابن أبي طالب المذكور، فالتسمية بأبي طالب تكررت في عمودهم بعد جدهم سليمان. * الفرقة الخامسة : الفرجيون، نسبة إلى جدهم أبي الفرج، ثالث الأبناء من أبي محمد عبد الواحد الذين يجتمعون فيه مع الشبيهيين وخامس الأبناء من أبي محمد عبد الواحد الذين يجتمعون فيه مع الطاهريين، وثامن الأبناء من أبي عبد الله محمد الجامع للفروع الجوطية كلها. وهو أبو الفرج بن إدريس بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن عبد الواحد المجاهد... وقد توزعوا فمنهم من يقيم بمكناس ومنهم من يقيم بفاس، وهم ثلاثة فروع : الفرع الأول الغالبيون نسبة إلى جدهم أبي غالب. والفرع الثاني الفرجيون من مكناسة الزيتون. والفرع الثالث من الفرجيين الطالبيون نسبة إلى جدهم أبي طالب ثالث الأبناء من أبي الفرج. وجميع هؤلاء ومن انحدر منهم يحملون نعت الجوطيين نسبة الى جدهم. وقد بقي من هذه الفصيلة الأولى من غير الجوطيين عدد كبير من الأشراف ممن حملوا في التاريخ أسماءً أخرى تميزهم، نعوتاً لحرف اشتهروا بها، أو لمواقع جغرافية عرفوا فيها أو لأحداث مرت بهم فالتصقت بهم، ونذكر من هؤلاء السادة الشرفاء المدعويين بالدباغيين. وهم أصلا من شرفاء آيت عتاب من ناحية تادلة لناحية الدِلاء، من بني الأمير عيسى بن إدريس، المولى من قبل أخيه محمد على شالة وسلا وأزمور وتامسنا وما وإلى ذلك(7). وقد سكن الدباغيون بغرناطة على نحو ما كان بعض بني إدريس، سكنوها اختياراً، أو اضطراراً أيام الأحداث السياسية... ثم انتقلوا إلى سلا ثم إلى حومة العيون من فاس، سموا هكذا لأنهم كانوا يأخذون خراج دار الدبغ سلا، بأمر السلطان احمد بن سالم المريني. ومن الشرفاء المدعوون بالكتانيين المعروفين بشرفاء عقبة بن صوال، وهم من بني الأمير محمد بن إدريس الخليفة بالمغرب بعد اغتيال والده، ولما تغلب موسى بن أبي العافية المكناسي على فاس وقتل الأدارسة أربعمائة بحومة وادي الشرفاء من عدوة فاس القرويين فرَّ من فلت منهم من القتل كما أشرنا قبل إلى جهات عديدة من المغرب في الجبال والصحاري!! وقد كان فيمن فر من فاس أبو زكرياء يحيى بن عمرن بن عبد الجليل بن يحيى بن الأمير محمد بن الإمام إدريس ... ويحيى بن عمران أول من دعي بالكتاني ... ولعل ذلك لظهور الخيمة من الكتان أيام إمارة بعض أسلافه، ولم يكن الخباء قبل إلا من الشعر والصوف. وهم فروع أربعة : بنو أبي الحسن علي، وبنو حامد العربي، وبنو إدريس، وبنو عبد العزيز. ومن الشرفاء المدعوون بالشفشاونيين : وهم من الأدارسة العَلَميين من بني محمد بن إدريس، ثم من بني موسى بن مشيش أخو قطب المغرب أبي محمد المولى عبد السلام بن مشيش. ونسب هؤلاء إلى جبل العَلََم (بفتح العين واللام)، الجبل المعروف شمال المغرب على مقربة من مدينة تِطّاون (تطوان)، التجأ إليه الشرفاء بعد المحن التي عاشوها أواسط المائة الرابعة فعوضهم الله عن الخلافة الملوكية بالخلافة القُطبانية على حد تعبير بعض مترجميهم. وينتسب الشفشاونيون إلى مدينة شفشاون التي كانت قاعدة نضال ضد الطامعين في البلاد وقد اختطها بعض شرفاء بني راشد من بني القطب المولى عبد السلام بن مشيش بقصد تحصين المسلمين من الكفرة بعد عدوان هؤلاء بعد أن احتلوا سبته!! وقد كان أول قادم لها منهم أبو العباس احمد الابن الحادي عشر من أبي بكر الذي يجتمع عنده الشرفاء كلهم... ومن الشرفاء، المدعوون أيضاً بالشقوريين، وهم من الأدارسة العَلَميين الموسويين من بني موسى بن مشيش بن أبي بكر الجد الجامع لهم، وهم كثيرون. ويبدو أن التسمية آتية من أن لهم سلفاً أشقر. على نحو ما يقال في المنتسبين لبيت شقرون. ومن مشاهير الأشراف العَلَميين الموسويين أولاد كرمون من بني جبارة. -وأولاد الحراق من قبيلة سريف. ـ وأولاد العشارى والبكوري والتملالي. ـ وأولاد ابن عبد الله بو منديل. ـ وأولاد السيد الحسن المقيمون بالسلاليم. ـ وأولاد الحوات، لقب جدهم بذلك لأنه كان يصطاد الحوت بثغر ترغة من بلاد غمارة. ومنهم الشيخ الشهير سليمان الحوات. ـ ومن الشرفاء المشهورين المدعوون بالوزانيين وهم من الأدارسة العَلَميين من بني سيدي يملح اخ المولى عبد السلام بن مشيش بن ابي بكر، ثم من بني القطب أبي محمد المولى عبد الله الشريف نزيل مدينة وزان من قبيلة مصمودة المتوفى سنة 1809. ومن مشاهير الشرفاء اليَملَحيين المعروفين بغير فاس، أولاد حمدان بجبل الحبيب، وأولاد ابن الصغير وأولاد المؤذن، وأولاد اللحياني (لأنه عظيم اللحية) وأولاد الأشهب، وأولاد القاضي وأولاد حماد وأولاد الشاعر وأولاد الجبّاري. والوزانيون المستقرون بفاس يوزعون إلى خمسة فروع : الفرع الأول بنو السيد أبي العباس احمد الشاهد. والفرع الثاني بنو السيد أبي الحسن علي. والفرع الثالث بنو السيد أبي عبد الله محمد الطاهر. والفرع الرابع بنو السيد الحسني، ومن ذرية هؤلاء شيخنا المَدَني بن الحسني بمدينة الرباط. والفرع الخامس بنو السيد محمد بن الطيب. ولهم آصرة مع اليملحيين سالفي الذكر. ومن الشرفاء اولاد المجيّح. وهم الأدارسة العَلَمِيين من بني سيدي علال ابن المولى عبد السلام بن مشيش. ودعي بالمجيّح لجيحانه في الأرض بين السوَّى والاقبال على المولى، على حد تعبيرالشيخ الطالب بن الحاج في مخطوطته الأشراف موضوع الحديث. وقد توزع قِسم من هذه الطائفة على مختلف جهات المغرب وعرف تحت أسماء مختلفة. ومن الأشراف الأدارسة أولاد بن حليمة، وأولاد الهراح، وأولاد السرغيني، أولاد الطالب، أولاد الحويك، وأولاد ابن الطريبق، وأولاد أفيلال، واولاد الشنتوف والقموريون المدعوون بفاس بالقصريين، والقموريون جمع قمور: طائر معروف لقب بهم جدهم. ـ ومن الشرفاء أولاد اخريف وأولاد معلى وهم كذلك من الأدارسة العلميين من بني أبي الحسن علي بن أبي بكر أحد أعمام المولى عبد السلام بن مشيش. ـ ومنهم أولاد ابن ريسون نسبة إلى والدة جدهم السيدة ريسون التي نشأ في أحضانها الحفيد وأولاد بن رحمون، وأصله عبد الرحمن الذي تكرر في عمود نسبهم مراراً، وقد غيرته العامة على عادتها إلى رحمون(9).
الفصيلة الثانية : المُحمَّديون، وهم بنو الإمام محمد ذو النفس الزكية ابن عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ومنهم شرفاء سجلماسة الذين قدموا على سجلماسة من ينبع النخل، من مدشر يعرف ببني ابراهيم، وينبع النخل، كما نعلم اليوم، غير بعيد عن ينبع البحر التي تقع على البحر الأحمر، غير بعيد عن المدينة المنورة. كان النبي صلى الله عليه وسلم اقطعه للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وسكنه بعض بنيه من بعده، منهم بنو عياش الذين ينحدر منهم أشراف سجلماسة، وعُرفوا بهذا الإسم لأنهم كانوا يُعيِشّون الناس في شدة المحل، وكان الناس عليهم عالةً ما بين ظاعن ومقيم. وكان أول وارد منهم على سجلماسة الحَسَن بن القاسم. كان وروده على فاس أواسط القرن السابع الهجري بداية عهد دولة بني مرين، وذلك في أعقاب أحداث شهدتها المنطقة اضطرت الشرفاء إلى أن يلتجئوا إلى حيث التجأ أجدادهم من ذي قبل! وقد خلف الحسن القادم ولداً واحداً يحمل اسم محمد الذي خلف الحسن سمي جده، وخلف الحسن هذا ولدين : أحدهما عبد الرحمن، وثانيهما المولى الشريف ومن هذا تكاثرت فروعهم. ومن الجدير بالذكر أن الشريف هذا هو الأب التاسع للملك محمد السادس الجالس على كرسي الحكم اليوم... ويعد من الأشراف المحمديين الإسماعليون، والمرانيون، والبلغيثيون وأولاد مولاي الطاهر، والمدغريون وأولاد شاكر وبنو موسى وشرفاء صوصو... والفضيليون وأولاد بنصر.
الفصيلة الثالثة : الموسويون، وهؤلاء هم بنو موسى الجون بن عبد الله الكامل. ومن هؤلاء، فرقة الأشراف القادريين نسبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني دفين بغداد، ويوصف موسى الوالد بجنكي دوست، ومعناه بلغة العجم العظيم القدر. ومن الموسويون كذلك فرقة المومنانيين.
الفصيلة الرابعة : العُرَيضيون، نسبة إلى علي العُرَيضي القائم بالبصرة ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن سيدنا الحُسين (بالياء) السبط والعريضي نسبة للعُريَض : قرية على أربعة أميال من المدينة المنورة. وهؤلاء منهم الصقليون، وهؤلاء فرقتان : بنو عبد الله، وبنو أبي القاسم.
الفصيلة الخامسة : الكاظِميون، وهؤلاء هم بنو موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ومن هؤلاء الكاظميين الشرفاء العراقيون، وهم من مشاهير الأشراف. وهؤلاء الأشراف العراقيون من بني إبراهيم بن موسى الكاظم أخو علي الرضا، الملقب بالمُجاب لإجابة الناس دعوته، وقد يلقب أيضاً بالجزّار لكثر ما أريق من الدم في اليمن أيام ولايته... وقد تحدث ابن بطوطة أثناء الكلام على نقباء الأشراف بالعراق ذاكرا : الشريف الفاضل أبو عبد الله محمد الهادي بن أبي القاسم بن نفيس الحسيني الكربلائي الشهير في المغرب بالعراقي. وبعد فهذا مجمل لتاريخ الأسر الشريفة الموجودة في المملكة المغربية، ويجب علىّ أن أقول بهذه المناسبة أن عدد العائلات التي تحمل هذه الصفة تفوق الحصر، ذلك أن تعاقب الأزمان وهجرة الناس من مكان إلى مكان غيَّر معالم الأسماء في كثير من الأحيان فقد نجد أسراً عربيةً ناشئةً بين أسر أمازيغية (ومنهم أجدادي حينما نزحوا إلى الأطلس)، وقد نجد أسراً أمازيغية معروفة نشأت بين أسر عربية. وبهذا نفسر حرص المواطنين المغاربة على توثيق أنسابهم وتشهيرها، ولم يكن غريباً علينا أن نجد عشرات الكتب والمقيدات التي تهتم بأمر الأنساب عبر الأزمان على ما أسلفنا. والمطلوب منا اليوم أن نعمل على جرد أسماء هذه الأسر بعضها إلى بعض، ليس فقط على صعيد بلاد المغرب، ولكن كذلك على صعيد العالم الإسلامي كله... ونعتقد أن هذا العمل ليس بالأمر الصعب ما دمنا نعرف أن هناك منظمات دولية الآن تعمل في هذا الاتجاه جاهدةً لإعداد سجلات لإعلام الأشخاص اعتقاداً منها أن ذلك مما يساعد على معرفة تاريخ الإنسانية جميعها ولعلنا نأخذ من اليوم طريقنا لإنجاز هذا المشروع الإسلامي الكبير. والله المعين.
آل البيت في المغرب د. عبد الهادي التازي
المصدر http://mou9awama.blogspot.com/